للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيكُمْ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا" قَالُوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "بَرَكَاتُ الأرضِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ؟ قَال: "لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. إِن كُل مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ. إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ. فَإِنَّهَا تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ. ثُمَّ اجْتَرَّتْ وَبَالتْ وَثَلَطَتْ

ــ

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخوف ما أخاف عليكم) من فتن الدنيا (ما يخرج الله) سبحانه وتعالى أي فتنة ما يخرجه الله ويظهره ويعطيه الكم من زهرة الدنيا) أي من زينتها وما يزهر منها مأخوذ من زهر الأشجار وهو ما يصفر من نوارها والنور هو الأبيض منها وهذا قول ابن الأعرابي وحكى أبو حنيفة أن النور والزهر سواء وقد فسرها صلى الله عليه وسلم بانها بركات الأرض اهـ مفهم.

(قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم هي: (بركات الأرض) وحسنها وزينتها أي ما تزهر به الأرض وتخرجه من الخيرات والخصب والثمار والنبات (قالوا: يا رسول الله وهل يأتي الخير) الذي هو نعيم الدنيا (بالشر) والضرر الذي هو العقوبة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا يأتي الخير) الحقيقي (إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخبر) كرره ثلاثًا مبالغة في التأكيد (أن كل ما أنبت الربيع) فيه إسناد مجازي كما قد سبق.

(يقتل) الماشية حبطًا وتخمة (أو يلم) ويقرب إلى أن يقتله أي يقتل آكلته (إلا أكلة الخضر) وهذا مثل للمقتصد وذلك أن الخضر ليس من أجرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي الأمطار فتحسن وتنعم ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمر بها فضرب آكلة الخضر من المواشي مئلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو بنجوة من وبالها كما نجت آكلة الخضر (فإنها تكل) من الخضر (حتى إذا امتدت) وارتفعت (خاصرتاها) أي جنباها (استقبلت الشمس) أي توجهت عين الشمس لتحمي نفسها (ثم اجترت) أي استرفعت ما في جوفها إلى فمها وتمضغه حتى يصير ناعمًا دقيقًا ثم تبلعه (وبالت) أي أخرجت البول (وثلطت) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>