وجملةُ أن في قوله:(أن كُلَّ إسنادٍ لحديثٍ) سَادة مسدّ مفعولي (زَعَمَ)، وفي "الكواكب الدرية"(١/ ١٣٧): (والأكثرُ وقوعُها على أنْ بالتخفيف وأنَّ بالتشديد وصِلَتِهما فيسدّان مسدّ مفعوليها كما قاله سيبويه والجمهورُ.
وقال الأخفشُ: إنَّ المفعولَ الثاني محذوفٌ.
قال السيرافي: والزعمُ: قولٌ يقترن به اعتقادٌ صَحَّ أو لم يَصِحَّ) اهـ.
وبمعناه قولُ غيره: الزعمُ: قولٌ يُطْلَقُ على الحقّ والباطل، وأكثرُ ما يقال فيما شُكَّ فيه، ولم يستعمل في القرآن إلَّا للباطل، وقد استُعمل في غيره للصحيح كقول هِرَقْل لأبي سفيان: زعمت، وكقول أبي طالب في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
ودعوتَني وزعمتَ أنك ناصحي ... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
قال السُّبْكِيُّ: ولكنْ إذا تَأَمَّلْته .. وجدتَه يُستعمل حيث يكون المتكلِّمُ شاكًّا، فهو كقَوْلٍ لم يَقُم الدليلُ على صحته، وإنْ كان صحيحًا في نفس الأمر. اهـ
والجارُّ والمجرورُ في قوله:(لحديثٍ) صفةٌ أُولى لـ (إسْنَادِ) أي: أن كُلَّ إسنادٍ كائنٍ لحديث، والجارُّ والمجرورُ في قوله:(فيه) أي: في ذلك الإسناد متعلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ لقوله: (فُلانٌ عن فُلانٍ) وهو مبتدأٌ مؤخرٌ محكيٌّ، والجملةُ الاسميةُ في محل الجر صفة ثانية لإسنادٍ؛ أي: زَعَمَ أن كُلَّ إسنادٍ كائنٍ لحديث موصوفٍ ذلك الإسناد بكَوْنِ فلانٍ عن فلان موجودًا فيه؛ أي: موصوفٍ بوجود العَنْعَنة فيه.
والواو في قوله:(وقد أحاط العِلْمُ) واليقينُ: حاليةٌ، والجملةُ حالٌ من الضمير المستكنّ في الجاز والمجرور في قوله:(فيه فُلانٌ عن فُلانٍ) أي: والحالُ أنَّه قد أحاط عِلْمُ أهل عصرهما، والجارُّ والمجرورُ في قوله:(بأنَّهما) متعلِّقٌ بأحاط؛ أي: وقد أحاطَ عِلْمُ أهل عصرهما بأنَّ فلانًا الراوي وفلانًا المروى عنه (قد كانا) ووُجدا (في عصرٍ واحدٍ) وقَرْنٍ واحدٍ؛ أي: والحالُ أنَّه قد تَيَقَّنَ أهلُ عصرِهما بوجدانهما في زمنٍ واحدٍ.
وجملةُ قوله:(وجائزٌ ... ) إلخ في محلّ النصب على الحال معطوفة على جملة