تلك الطائفة التي صاروا خوارج وكتب علي بينه وبين معاوية كتاب الحكومة بين أهل العراق والشام: هذا ما قضى عليه أمير المؤمنين علي معاوية فامتنع أهل الشام من ذلك وقالوا: اكتبوا اسمه واسم أبيه فأجاب علي إلى ذلك فأنكره عليه الخوارج أيضًا ثم انفصل الفريقان على أن يحضر الحكمان ومن معهما بعد مدة عينوها في مكان وسط بين الشام والعراق ويرجع العسكران إلى بلادهم إلى أن يقع الحكم فرجع معاوية إلى الشام ورجع علي إلى الكوفة ففارقه الخوارج وهم ثمانية آلاف وقيل: كانوا أكثر من عشرة آلاف وقيل ستة آلاف ونزلوا مكانًا يقال له حروراء بفتح المهملة وراءين أولاهما مضمومة وبالمد في آخره ومن ثم قيل لهم: الحرورية وكان كبيرهم عبد الله بن الكواء بفتح الكاف وتشديد الواو مع المد اليشكري وشبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة التميمي فأرسل إليهم علي ابن عباس فناظرهم فرجع كثير منهم معه ثم خرج إليهم علي فأطاعوه ودخلوا معه الكوفة معه رئيساهم المذكوران ثم أشاعوا أن عليًّا تاب من الحكومة ولذلك رجعوا معه فبلغ ذلك عليًّا فخطب وأنكر ذلك فتنادوا من جوانب المسجد: لا حكم إلا لله فقال علي: كلمة حق يراد بها باطل فقال لهم: لكم علينا ثلاثة أن لا نمعنكم من المساجد وأن لا نمنعكم من رزقكم من الفيء ولا نبدؤكم بقتال ما لم تحدثوا فسادًا وخرجوا شيئًا بعد شيء إلى أن اجتمعوا بالمدائن فراسلهم علي في الرجوع فأصروا على الامتناع حتى يشهد علي على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم ويتوب ثم راسلهم أيضًا فأرادوا قتل رسوله ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان واليًا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سُرية وهي حامل فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد فبلغ ذلك عليًّا فخرج إليهم في الجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام فأوقع بهم بالنهروان ولم ينج منهم إلا دون العشرة ولا قتل ممن معه إلا نحو العشرة فهذا ملخص أول أمرهم.
ثم انضم إلى من بقي منهم من مال إلى رأيهم فكانوا مختفين في خلافة علي رضي الله عنه حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليًّا بعد أن دخل علي في صلاة الصبح ثم لما وقع صلح الحسن ومعاوية ثارت منهم طائفة فأوقع بهم عسكر الشام بمكان يقال: له النجيلة ثم كانوا منقمعين في إمارة زياد وابنه عبيد الله على العراق طول