في قوله:(أن كُلَّ إسنادٍ لحديثٍ فيه فُلانٌ عن فُلانٍ)، والتقديرُ: وزَعَمَ هذا القائلُ الَّذي افْتَتَحْنَا الكلامَ في حكايةِ قوله أن كُلَّ إسنادٍ لحديثٍ فيه عَنْعَنَةٌ أن الحُجَّة لا تقومُ به، أي: أن الاحتجاجَ والاستدلال على حُكْمٍ من الأحكام الشرعية من التحريم والتحليل مثلًا لا يَصِحُّ عنده (بكُلِّ خَبَرٍ) وحديثٍ (جاءَ) وخَرَجَ (هذا المجيءَ) أي: هذا المَخْرجَ؛ أي: مخرجَ العنعنة.
وجملةُ (لا تقومُ) خبر أن، والجارُّ والمجرورُ في قوله:(بكُلِّ خبرٍ) متعلِّقٌ (بالحُجَّةَ)؛ لأنه اسمُ مصدرٍ بمعنى الاحتجاج.
وجملةُ (جاء) صفةٌ لـ (خَبَرٍ)، والتقديرُ: أن الاحتجاج والاستدلال بكُلِّ خَبَرٍ جاء هذا المجيءَ على حُكْمٍ من الأحكام الشرعية غيرُ صحيح عنده، وجملةُ أن هذه - أعني الثانيةَ - في محل الرفع خبر لأنَّ الأولى -أعني قوله:(أن كُلَّ إسنادٍ ... ) إلخ - تقديره: زَعَمَ هذا القائلُ أن كُلَّ إسنادٍ فيه فلانٌ عن فلانٍ غيرُ صحيحِ الاحتجاجِ والاستدلالِ به عنده، وجملةُ أن الأُولى في تأويل مصدرٍ سادٍّ مَسَدَّ مفعولَي زَعَمَ، تقديرُه: زَعَمَ هذا القائلُ الَّذي افْتَتَحْنَا الكلامَ في حكايةِ قوله والإخبارِ عن سُوء رَويَّتِه عدم صحةِ الاحتجاجِ عنده بكلِّ خبرِ جاء مجيءَ العنعنة.
و(حتَّى) في قوله: (حتَّى يكونَ عندَه) جازةٌ متعلِّقةٌ بتقومُ، قال النوويُّ: (هكذا ضبطناه "حتَّى يكونَ" بالتاء المثناة من فوق في "حتَّى" وبالياء المثناة من تحت في "يكونَ"، وهكذا هو في الأصُول الصحيحة المعتمدة، ووقَعَ في بعض النَّسخ:"حين نكون" بالياء في "حين" وبالنون في "نكون"، وهو تصحيف، والله أعلم) (١).
أي: أن الحُجَّةَ لا تقومُ عنده بكُلِّ خَبَرٍ جاء هذا المجيءَ حتَّى يكونَ ويَحْصُلَ عنده أي: عند ذلك الزاعم (العِلْمُ) أي: عِلْمُ أهلِ عصرهما (بأنَّهما) أي: بأنَّ الراويَ والمَرْويَّ عنه (قد اجْتَمَعَا) في زَمَنٍ (مِنْ دَهْرِهِما) أي: من عُمُرِهما (مَرَّةً) أي: