(يخرج قوم من أمتي) أي أمة الدعوة حالة كونهم (يقرؤون القرآن ليس قراءتكم) أيها المؤمنون بالنسبة (إلى قراءتهم) أي عند الانقياس بها والانضياف إليها (بشيء) معتد محسوب (ولا صلاتكم) بالنسبة (إلى صلاتهم بشيء) معتد به (ولا صيامكم) بالنسبة (إلى صيامهم بشيء) معتد (يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم) أي هم يحسبون أن القرآن حجة لهم في إثبات دعاويهم الباطلة وليس كذلك بل (هو) حجة (عليهم) عند الله تعالى وفيه إشارة إلى أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام.
قال الحافظ ابن تيمية في الصارم المسلول: والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه كما لا ينفع من قال الكفر أن لا يقصد أن يكفر اهـ.
(لا تجاوز صلاتهم) أي قراءتهم (تراقيهم) أي حناجرهم والمراد بالصلاة هنا القراءة لأنها جزؤها وقد يطلق كل منهما على الآخر مجازًا كما قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} يعني بقراءتك وقال: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} يعني صلاة الفجر وفي الحديث القدسي على ما مر ذكره في باب الصلاة: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل) الحديث فالمراد منها قراءة الفاتحة بقرينة قوله (فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي إلخ) ولا يبعد أن تفسر الصلاة هنا بالإيمان فإن الإيمان في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} مفسر بالصلاة في تفسير ابن جرير وابن كثير وغيرهما من أهل التفسير لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل تحويل القبلة فيكون المعنى لا يجاوز إيمانهم حلوقهم ولا يدخل قلوبهم وفي باب قتل الخوارج من صحيح البخاري (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) والتراقي جمع الترقوة كما مر مرارًا (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) قال الشيخ الأنور: