فيه: يسير بن عمرو كما في الرواية السابقة (عن سهل بن حنيف عن النبي صلى الله عليه وسلم) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة العوام بن حوشب لعلي بن مسهر (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يتيه) أي يتحير ويميل عن الحق والصواب (قوم قبل المشرق) أي في جانبه ومشارق أرض العرب مواضع الفتن كما نطق به الأحاديث الصحيحة كالعراق يقال تاه إذا ذهب ولم يهتد لطريق الحق وتحير في أمره وقوله (محلقة رؤوسهم) يقرأون القرآن نحو ما تقدم صفة لقوم أو حال منه والتحليق سيما الخوارج مخالف للعرب في توفيرهم الشعور وتفريقها.
قال القرطبي:(قوله: يتيه قوم قبل المشرق) أي يتحيرون ويذهبون في غير وجه صحيح يقال: تاه الرجل إذا ذهب في الأرض غير مهتد ومنه تيه بني إسرائيل وقيل: المشرق يدل على صحته تأويل من أول قرن الشيطان بأنهم الخوارج والفتن التي طلعت من هناك والله أعلم و (قوله: محلقة رؤوسهم) وفي حديث آخر (سيماهم التحليق) أي جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا وشعارًا ليعرفوا به كما يفعل البعض من رهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم وقد جاء في وصفهم مرفوعًا: (سيماهم التسبيد) أي الحلق رواه أحمد وأبو داود يقال: سبد رأسه إذا حلقه وهذا كله منهم جهل بما يزهد فيه وما لا يزهد فيه وابتداع منهم في دين الله تعالى شيئًا كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه فلم يرو عن واحد منهم أنهم اتسموا بذلك ولا حلقوا رؤسهم في غير إحلال ولا حاجة وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شعر فتارة فرقه وتارة صيره جمة وأخرى لمة وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كانت له شعرة أو جمة فليكرمها) رواه أبو داود بلفظ: (من كان له شعر فليكرمه) وقد كره مالك الحلاق في غير إحرام ولا حاجة ضرورية اهـ من المفهم.
وفي هذا الحديث أن سهل بن حنيف صرح بأن الخوارج الحرورية هم المراد بالقوم المذكورين في أحاديث الباب فيقوى ما تقدم أن أبا سعيد توقف في الاسم والنسبة لا في كونهم المراد وقد عد الحافظ رحمه الله أسماء من روى هذا الحديث في الخوارج ثم قال: فهؤلاء خمسة وعشرون نفسًا من الصحابة والطرق إلى كثرتهم متعددة كعلي وأبي