واحد منا أن يبتدئ صاحبه بالكلام دونه ومنه قولهم: استعنت القوم فتوالوا في حاجتي أي وكل بعضهم إلى بعض وفي بلاغات الزمخشري:
إذا وقعت المحنة تواكلتم ... وإذا وقعت النعمة تآكلتم
(ثم تكلم أحدنا) لم أر من عينه (فقال) ذلك الأحد (يا رسول الله أنت أبر الناس) أي أكثر الناس برًا وإحسانًا إلى الغير (وأوصل الناس) أي أكثر الناس صلة للرحم (وقد بلغنا النكاح) أي الحلم كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أو بلغنا أوان النكاح والزواج وفيه دليل على طلب المساعدة من أهل الخير في مؤنة الزواج (فجئنا) إليك (لتؤمِّرنا) أي لتولينا (على بعض) أعمال (هذه الصدقات) أي الزكوات من جميع أرباب الأموال وأخذها منهم وحسابها وحفظها وجبايتها إليك وتفرقتها على المستحقين (فنؤدي) أي ندفع (إليك) ما أخذنا منها (كما يؤدي الناس) إليك (ونصيب) منها أي نأخذ منها سهم العامل (كما يصيبون) أي كما يأخذ الناس منه.
(قال) عبد المطلب: (فسكت) رسول الله صلى الله عليه وسلم سكوتًا (طويلًا حتى أردنا أن نكلمه) ثانيًا (قال) عبد المطلب: (وجعلت زينب) بنت جحش رضي الله تعالى عنها (تلمع علينا) أي تشير إلينا (من وراء الحجاب) بـ (ـأن لا تكلماه) صلى الله عليه وسلم تلمع هو بضم التاء وإسكان اللام وكسر الميم ويجوز فتح التاء والميم يقال ألمع ولمع إذا أشار بثوبه أو بيده أي أشارت إلينا بأن لا تكلماه لأنه ربما ينتظر الوحي (قال) عبد المطلب: (ثم) بعد سكوته سكوتا طويلًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن) هذه (الصدقة لا تنبني لآل محمد) ولا تليق بهم قال النواوي: فيه دليل على أنها محرمة عليهم سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر أو المسكنة أو غيرهما من الأسباب الثمانية وهذا هو الصحيح عند أصحابنا وأجازها الطحاوي وغيره للعاملين منهم لأنها أجرة وقال ابن عابدين: فلا تحل للعامل الهاشمي تنزيهًا لقرابة النبي صلى الله عليه