فيكون تنزيهًا وحمله بعضهم على التحريم بعلة توهم الزيادة على رمضان وقال: الوجه أن يحمل النهي على الدوام أي لا تداوموا على التقدم لما فيه من إيهام لحوق هذا الصوم برمضان إلَّا لمن يعتاد المداومة على صوم آخر الشهر فإن داوم عليه لا يتوهم في صومه اللحوق برمضان اهـ.
وإنما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب فيمن يقصد ذلك وفي كنز العمَّال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين فقلنا يا رسول الله ألا نتقدم قبله بيوم أو يومين فغضب وقال: لا) قال ابن النجار: فظهر منه أن الاقتصار على يوم أو يومين إنما وقع لاقتصار السائلين على ذو هذا العدد والله أعلم.
وقد قطع كثير من الشافعية بأن ابتداء المنع من أول السادس عشر من شعبان واستدلوا بحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا:(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا).
أخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان وغيره وقد جمع الطحاوي بين حديث النهي وحديث العلاء بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان قال في الفتح: وهو جمع حسن وقد اختلف في الحكمة في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فقيل: هي التقوِّي بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط وفيه نظر لأن مقتضى الحديث أنَّه لو تقدمه بصوم ثلاثة أيام أو أربعة أيام جاز وقيل: الحكمة خشية اختلاط النفل بالفرض وفيه نظر لأنه يجوز لمن له عادة كما تقدم وقيل: لأن الحكم معلق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم قال في الفتح: وهذا هو المعتمد ولا يرد عليه صوم من اعتاد ذلك لأنه قد أذن فيه وليس من الاستقبال في شيء اهـ فتح الملهم.
قال القرطبي: وقوله: (لا تقدموا رمضان) الخ هذا النهي لما يخاف من الزيادة في شهر رمضان وهو من أدلة مالك على قوله بسد الذرائع لا سيما وقد وقع لأهل الكتابين من الزيادة في أيام الصوم حتَّى أنهوا ذلك إلى ستين يومًا كما هو المنقول عنهم وقد وسع