ذلك) الذي قلته (من الفضل) بن عباس (ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم) وفيه استعمال السلف من الصحابة والتابعين الإرسال عن العدول من غير نكير بينهم لأن أبا هريرة اعترف بأنه لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان يمكنه أن يرويه عنه بلا واسطة وإنما بينها لما وقع من الاختلاف قاله الحافظ فتأمل اهـ.
(قال) عبد الرحمن: (فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك) أي في الجنب الذي أدركه الفجر.
قوله:(فرجع أبو هريرة) إلخ قال العلماء: رجوعه إما لرجحان رواية أمّي المؤمنين في جواز ذلك صريحًا على رواية غيرهما مع ما في رواية غيرهما من الاحتمال إذ يمكن أن يحمل الأمر على الاستحباب في غير الفرض وكذا النهي عن صوم ذلك اليوم وإما لاعتقاده أن يكون خبر أمّي المؤمنين ناسخًا لخبر غيرهما وقد بقي على ما قاله أبو هريرة بعض التابعين كانقله الترمذي ثم ارتفع ذلك الخلاف واستقر الإجماع على خلافه كما جزم به النواوي وأما ابن دقيق العيد فقال: صار ذلك إجماعًا أو كالإجماع وذكر ابن خزيمة أن بعض العلماء توهم أن أبا هريرة غلط في هذا الحديث ثم رد عليه بأنه لم يغلط بل أحال على رواية صادق إلا أن الخبر منسوخ لأن الله تعالى عند ابتداء فرض الصيام كان منع في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع بعد النوم فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذ ثم أباح الله تعالى ذلك كله إلى طلوع الفجر فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر فدل على أن حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ فاستمر أبو هريرة على الفتيا به ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه اهـ من فتح الملهم.
(قال) ابن جريج: (قلت لعبد الملك) بن أبي بكر: (أقالتا) أي هل قالت عائشة وأم سلمة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا (في رمضان) ثم يصوم (قال) عبد الملك: (كذلك) أي في رمضان (كان يصبح جنبًا من غير حلم ثم يصوم) وقوله: (ثم رده إلى الفضل) يعني بذلك أنه سمعه من الفضل كما قد نص عليه وفي النسائي أنه سمعه من