معصية الدين لما يشعر به الحال من شدة الندم وصحة الإقلاع ويحتمل أن تكون هذه الواقعة قبل النهي عن لطم الخدود وحلق الشعر عند المصيبة واستدل به أيضًا على أنه كان عامدًا لأن الهلاك والاحتراق الذي سيأتي في حديث عائشة مجاز عن العصيان المؤدي إلى ذلك فكأنه جعل المتوقع كالواقع وبالغ فعبر عنه بلفظ الماضي وإذا تقرر ذلك فليس. فيه حجة على وجوب الكفارة على الناس وهو مشهور قول مالك والجمهور وعن أحمد وبعض المالكية: يجب على الناس وتمسكوا بترك استفساره عن جماعه هل كان عن عمد أو نسيان وترك الاستفصال في الفعل ينزل منزلة العموم في القول كما اشتهر والجواب أنه قد تبين حاله بقوله (هلكت) و (احترقت) فدل على أنه كان عامدًا عالمًا بالتحريم أيضًا فدخول النسيان في الجماع في نهار رمضان في غاية البعد واستدل بهذا الحديث على أن من ارتكب معصية لا حد فيها وجاء مستفتيًا أنه لا يعزر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية وقد ترجم لذلك البخاري في الحدود وأشار إلى هذه القصة وتوجيهه أن مجيئه مستفتيًا يقتضي الندم والتوبة والتعزير إنما جعل للاستصلاح ولا استصلاح مع الصلاح وأيضًا فلو عوقب المستفتي لكان سبب لترك الاستفتاء وهي مفسدة فاقتضى ذلك أن لا يعاقب هكذا قرره الشيخ تقي الدين لكن وقع في شرح السنة للبغوي أن من جامع متعمدًا في رمضان فسد صومه وعليه القضاء والكفارة ويعزر على سوء صنيعه وهو محمول على من لم يقع منه ما وقع من صاحب هذه القصة من الندم والتوبة اهـ فتح الملهم.
أي وقعت في سبب الهلاك (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أهلكك) وما الأمر الذي أوقعك في الهلاك (قال) الرجل: (وقعت على امرأتي) أي وطئتها (في) نهار (رمضان) ولم أر من ذكر اسم هذه المرأة من الشراح (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هل تجد ما) أي مالًا (تعتق) به (رقبة) أي نفسًا مملوكة من بني آدم فما نكرة موصوفة والرابط محذوف ورقبة مفعول به ويحتمل كون ما مصدرية وتجد بمعنى تستطيع بدليل ما بعده أي هل تستطيع إعتاق رقبة وهذا أوضح وأوفق قال الحافظ: واستدل بإطلاق رقبة على جواز إعتاق الرقبة الكافرة يقول الحنفية وهو يبتني على أن السبب إذا اختلف واتحد الحكم هل يقيد المطلق أو لا؟