للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، قُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْأَلُكَ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلاءِ عَنْهُ. سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَال: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ. قال: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ. وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ". فَكَانَتْ رُخصَةً. فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ. ثَمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ. فَقَال: "إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ. وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا" وَكَانَتْ عَزْمَةً. فَأَفْطَرْنَا. ثُمَّ قَال: لَقَدْ رَأَيتُنَا نَصُومُ، مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذلِكَ، فِي السَّفَرِ

ــ

عليه بكثرة الناس أي عنده ناس كثيرون (فلما تفرق الناس عنه) وذهبوا من عنده (قلت) لأبي سعيد (إني لا أسألك عما يسألك هولاء) الناس (عنه) من الأسئلة المختلفة غير الضرورية ثم (سألته عن الصوم في السفر) والفطر فيه أيهما أفضل (فقال) أبو سعيد (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة) لغزوة الفتح (ونحن صيام) أي صائمون لمصادفة سفر الفتح لرمضان (قال) أبو سغيد (فنزلنا منزلًا) في الطريق (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم قد دنونم) أي قربتم (من عدوكم) المشركين، يقال دنا منه ودنا إليه يدنو دنوًا إذا قرب إليه كما في المصباح (والفطر أقوى لكم) أي أفيد لكم في القوة والقدرة والغلبة على عدوكم (فكانت) خصلة الفطر (رخصة) لنا والرخصة الانتقال من صعوبة إلى سهولة (فمنا من صام ومنا من أفطر ثم) سرنا من ذلك المنزل حتى قربنا إلى مكة فـ (ـنزلنا منزلًا آخر) أقرب إلى مكة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم) أيها الأصحاب (مصبحوا عدوكم) أي ملاقوهم صباحًا ومغيرون عليهم، يقال صبحت فلانًا بالتشديد إذا أتيته صباحًا (والفطر أقوى لكم) أي أفيد لكم في القدرة على قتالهم (فأفطروا) بصيغة الأمر أي بيتوا الفطر ولا تبيتوا الصوم (وكانت) خصلة الفطر (عزمة) بسكون الزاي أي متحتمة غير رخصة، والعزمة الانتقال من صعوبة إلى صعوبة، وقال ابن الملك: أي فريضة لأن الجهاد كان فرضًا في ذلك الوقت وكان حاصلًا بالإفطار، والصوم كان جائزًا لهم وترك الفرض لأجل الجائز لم يكن جائزًا لهم اهـ، قال أبو سعيد (فأفطرنا) امتثالًا لأمره بالإفطار (ثم قال) أبو سعيد: والله (لقد رأيتنا) أي رأيت أنفسنا (نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك) اليوم الذي لقينا فيه العدو (في السفر) لكون الفطر رخصة لا عزيمة، وهذا يدل على ثبوت التخيير

<<  <  ج: ص:  >  >>