للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ. فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا هذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ " فَقَالُوا: هذَا يَوْمَ عَظِيمٌ. أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ. وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ. فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا. فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ" فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ

ــ

بيان متابعة عبد الله بن سعيد لأبي بشر في رواية هذا الحديث عن سعيد بن جبير (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا) أي صائمين (يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه) من الغرق (وغرق) بتشديد الراء من التغريق (فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا) لله سبحانه على إنجائهم (فنحن) معشر اليهود (نصومه) اتباعًا لموسى - عليه السلام - (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى) معطوف على أحق عطف رديف (بموسى منكم) أيها اليهود (فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر) أصحابه (بصيامه) والحاصل أنه - عليه السلام - كان يصومه كما تصومه قريش في مكة، ثم قدم المدينة فوجد اليهود يصومونه فصامه أيضًا بوحي أو تواتر أو اجتهاد لا بمجرد إخبار آحادهم كما في النووي، وعُلم من هذا أن المطلوب منه الموافقة لموسى لا الموافقة لليهود فلا يشكل بأنه يحب مخالفة اليهود لا موافقتهم قاله السندي، وقال الحافظ: واستشكل رجوعه إليهم في ذلك، وأجاب المازري: باحتمال أن يكون أوحي إليه بصدقهم أو تواتر عنده الخبر بذلك، زاد عياض أو أخبره به من أسلم منهم كعبد الله بن سلام ثم قال: ليس في الخبر أنه ابتدأ الأمر بصيامه بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يصومه قبل ذلك فغاية ما في القصة أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم وإنما هي صفة حال وجواب سؤال ولم تختلف الروايات عن ابن عباس في ذلك، ولا مخالفة بينه وبين حديث عائشة إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه كما تقدم إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك قال القرطبي: ولعل قريشًا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما في الحج أو أذن الله له في صيامه

<<  <  ج: ص:  >  >>