للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انْتَهَيتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَقَال: إِذَا رَأَيتَ هِلال الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ. وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا. قُلْتُ: هكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ؟ قَال: نَعَمْ

ــ

الحكم (انتهيت) أي وصلت (إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسدٌ رداءه في زمزم) أي عندها كما في الرواية التالية؛ وهي البئر المعروفة بمكة في داخل الحرم. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان كوفيان وواحد طائفي، قال الحكم (فقلت له) أي لابن عباس (أخبرني عن صوم عاشوراء) وفي رواية الترمذي من طريق هناد وأبي كريب عن وكيع أخبرني عن يوم عاشوراء أي يوم أصومه؟ وهذا ظاهر في أن مقصوده السؤال عن كيفية صوم عاشوراء لا عن تعيين يوم عاشوراء أي يوم هو (فقال) ابن عباس (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد) من عبد من باب شد أي فاحسب أيامه (وأصبح يوم التاسع صائمًا) أي وكن صباح اليوم التاسع من يوم الاستهلال صائمًا، قال الحكم (قلت) لابن عباس (هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه) أي يصوم يوم عاشوراء (قال) ابن عباس (فعم) هكذا يصومه لو بقي إلى العام المقبل لأنه قد أخبر بذلك ولا بد من هذا لأنه صلى الله عليه وسلم مات قبل صوم التاسع. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [١/ ٢٣٩ و ٢٨٠]، وأبو داود [٢٤٤٦]، والترمذي [٧٥٤].

وقول ابن عباس (وأصبح يوم التاسع صائمًا) وفي رواية الترمذي: ثم أصبح من يوم التاسع صائمًا، وفيه تنبيه لمن يريد صوم عاشوراء أن يبتدئ من اليوم التاسع فيصومه على وجه التوطئة والتمهيد لصوم عاشوراء ولا ينبغي أن يقتصر على صوم العاشر فقط، وقد رُوي عن ابن عباس ما يدل على هذا المعنى، قال الطحاوي: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، أنه سمع ابن عباس يقول: (خالفوا اليهود، وصوموا اليوم التاسع والعاشر) فبهذا ظهر مراد ابن عباس.

قال الشوكاني: الأولى أن يقال: إن ابن عباس أرشد السائل له إلى اليوم الذي يُصام فيه وهو التاسع، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر لأن ذلك مما لا يُسئل عنه ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده

<<  <  ج: ص:  >  >>