صاحب الطعام عدم أكله فيستحب له الأكل، ويشهد للزوم الحضور حديث مسلم في أبواب الوليمة إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرًا فليأكل وإن كان صائمًا فليصل، وفي رواية الطبراني عن ابن مسعود وإن كان صائمًا فليدع بالبركة، كذا في الجامع الصغير للسيوطي.
وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم وغيرهما إذا دعت إليه حاجة والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة، وفيه إشارة إلى حسن المعاشرة وإصلاح ذات البين وتأليف القلوب وحسن الاعتذار عند سببه اهـ نواوي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٢٥٨٥ - (١١١٩)(٤٠)(حدثني زهير بن حرب) النسائي (حدثنا سفيان بن عيينة) الكوفي (عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد نسائي (رواية) أي حالة كون أبي هريرة راويًا لهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أصبح أحدكم يومًا صائمًا فلا يرفث) بضم الفاء وكسرها، ويجوز في ماضيه التثليث والمراد بالرفث هنا -وهو بفتح الراء والفاء ثم المثلثة- الكلام الفاحش وهو يطلق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته، ويحتمل أن يكون ما هو أعم منها، وقوله يومًا مفعول صائمًا مقدم عليه والمعنى إذا كان أحدكم صائم يوم من الأيام فلا يرفث أي لا يتكلم الكلام الفاحش كسب الناس وشتمهم والغيبة والنميمة ومراودة النساء (ولا يجهل) أي لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل والبطالة كضرب الناس والمقاتلة والصياح والصخب في الأسواق ونحو ذلك، ولسعيد بن منصور من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه فلا يرفث ولا يجادل، قال القرطبي: لا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (فإن امرؤ) من الناس (شاتمه) أي شتمه شخص