للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ حَدَّثَهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ قَال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ. ثُم أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ. كَانَ كصِيَامِ الدهْرِ"

ــ

وجابر وثوبان والبراء بن عازب وابن عباس وعائشة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين اهـ فتح (أنه) أي أن أبا أيوب (حدثه) أي حدث لعمر بن ثابت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه) بهمزة قطع أي جعل عقبه في الصيام ستة أيام من شوال أي أتبع رمضان وألحقه (ستًّا) أي بستة أيام (من شوال كان) صيامه (كصيام الدهر) أي كصيام الأبد إذا اعتاد ذلك كل عام مدة عمره لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان كما في حديث النسائي بعشرة أشهر، والستة بشهرين، وعدة الشهور عند الله تعالى اثنا عشر شهرًا إلا أن المثلية لا تقتضي التساوي من كل وجه فإن ثواب من صام السنة بالفعل أكثر لأن صوم كل يوم بعشرة، وإنما خص صوم الست بشوال لأنه زمان يشتد الرغبة فيه في الصيام لوقوعه عقب الصيام فيكون الصوم فيه أشق على النفس، والحكمة في مشروعيتها أنها بمنزلة السنن الرواتب في الصلاة تكمل فائدتها بالنسبة إلى أمزجة لم تتام فائدتها بهم، وإنما خص في بيان فضله التشبه بصوم الدهر لأن من القواعد المقررة أن الحسنة بعشر أمثالها وبهذه الستة يتم الحساب، وقال علي القاري: ثم لا يخفى أن ثواب صوم الدهر يحصل بانضمام ست إلى رمضان ولو لم يكن في شوال فكان وجه التخصيص المبادرة إلى تحصيل هذا الأمر اهـ، وقد كرهه مالك وأبو حنيفة ومن وافقهما وقد قال في الموطإ: ما رأيت أحدًا من أهل العلم يصومها، قالوا: فيكره لئلا يظن وجوبه، قال النواوي: وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها، وقولهم قد يظن وجوبها ينتقض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب اهـ فتح الملهم بزيادة، وقوله (ثم أتبعه ستًّا من شوال) أداة التراخي مؤذنة بلزوم فصل الإتباع عن اليوم المنهي عنه، وعليه تحمل رواية وأتبعه بالواو وينتفي الاتصال بفصل يوم الفطر، وقوله ستًّا أراد به ستة أيام، وعند عدم المميز يجوز في اسم العدد الوجهان التذكير والتأنيث، وفي الحديث دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة، وقال مالك وأبو حنيفة: يكره صومها لئلا يظن وجوبها كما مر آنفًا. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ٤١٧]، وأبو داود [٢٤٣٣]، والترمذي [٧٥٩]، وابن ماجه [١٧١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>