على ما اعتاده، وفيه استحباب إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان بالعبادات، واستحباب إيقاظ الأهل للصلاة، وأما كراهة قيام الليل كله فمعناه كراهة المداومة عليه في الليالي كلها ولم يقل أحد بكراهة ليلة أو ليلتين والعشر ولهذا اتفقوا على استحباب إحياء ليلتي العيدين وغير ذلك أفاده النواوي (وشد المئزر) أي شد عقده على حقوه لئلا يفك، والمئزر الإزار كلحاف وملحف، يجمع على مآزر وشده كناية عن اعتزال النساء كما قال الشاعر:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار
وفي فتح الملهم: قوله (أحيى الليل) أي سهره فأحياه بالطاعة، وأحيى نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت، وأضافه إلى الليل اتساعًا لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيى ليله بحياته وهو نحو قوله:"لا تجعلوا بيوتكم قبورًا" أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور، وفي العيني: قال شيخنا: وفي حديث عائشة في الصحيح أحيا الليل كله، والظاهر والله أعلم معظم الليل بدليل قولها في الحديث الصحيح: ما علمته قام ليلة إلى الصباح اهـ قوله (وأيقظ أهله) وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت جحش وأم سلمة: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه، قال القرطبي: وفيه حث الأهل على القيام للنوافل وحملهم على تحصيل الخير والثواب، ويفهم منه تأكيد القيام في هذه العشر على غيره (وجد) أي اجتهد في العبادات و (شد المئزر) أي امتنع عن النساء وهذا أولى من قول من قال إنه كناية عن الجد والاجتهاد لأنه قد ذكر فحمل هذا على فائدة مستجدة أولى، وقد ذهب بعض أئمتنا إلى أنه عبارة عن الاعتكاف، وفيه بعد لقولها أيقظ أهله وهذا يدل على أنه كان معهم في البيت وهو كان في حال اعتكافه في المسجد وما كان يخرج منه إلا لحاجة الإنسان على أنه يصح أن يوقظهن من موضعه من باب الخوخة التي كانت له إلى بيته في المسجد والله أعلم. فإن حملناه على الاعتكاف فهم منه أن المعتكف لا يجوز له أن يقرب النساء بمباشرة ولا استمتاع فما فوقهما، ويدل عليه قوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فإن وقع منه الجماع فسد اعتكافه ليلًا كان أو نهارًا بالإجماع، ثم هل عليه كفارة؟ فالجمهور على أن لا، وذهب الحسن والزهري إلى أن عليه ما على المواقع أهله في نهار رمضان، ورأى مجاهد أن يتصدق