الترمذي من هذه الأيام العشر بدون يعني، واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل لشموله له وللصلاة والذكر والصدقة وغير ذلك، واستشكل بتحريم صوم يوم العيد، وأجيب بأنه محمول على الغالب أو الأكثر من أيام العشر، ويحمل قولها يعني عائشة إنها لم تره صائمًا فيه، وقولها لم يصم العشر على أنه لم يصمه حينًا لعارض من مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائمًا فيها، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر لأنها إنما نفت رؤيتها، ويدل عليه حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وحسنه بعض الحفاظ، وقال الزيلعي: حديث ضعيف، والمثبت مقدم على النافي، وقد كان يقسم لتسع نسوة فلم يصمها عند عائشة وصام عند غيرها، ورُد بأنه يبعد كل البعد أن يلازم عدة تسع سنين على عدم صومه في نوبتها دون غيرها، فالجواب الأول أسد، وحديث هنيدة إسناده ضعيف فلا يعارض الصحيح، وقال الحافظ في حديث الباب: إنه لا يعارض أحاديث فضائل العشر لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الشيخان من حديث عائشة أيضًا، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بالعمل الذي فيه صلاحية الافتراض وبما ليس كذلك، والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة إمكان اجتماع أمهات العبادة فيه؛ وهي الصلاة والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيرها اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود أخرجه في الصوم عن مسدد، والترمذي أخرجه في الصوم عن هناد بن السري، والنسائي أخرجه في الصيام في الكبرى عن عبد الله بن محمد الضعيف اهـ تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنها فقال:
٢٦٧٢ - (٠٠)(٠٠)(وحدثني أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع العبدي) البصري، صدوق، من (١٠)(حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (٩)(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من (٧)(عن الأعمش)