لعامتهم وخاصتهم كنزول منى والمبيت بمزدلفة فإنه لو لم يصطلحوا على مثل هذا لشق عليهم، ولو لم يسجل عليه لم تجتمع كلمتهم عليه مع كثرتهم وانتشارهم إلى غير ذلك اهـ فتح الملهم.
والحج من الشرائع القديمة خلافًا لمن ادعى أنه لم يجب إلا على هذه الأمة، قال صاحب التعجيزة إن أول من حج آدم - عليه السلام -، وإنه حج أربعين حجة من الهند ماشيًا، وقيل ما من نبي إلا حجه حتى نوح وصالح، خلافًا لمن استثناهما، وروي أنه لما حج آدم قال له جبريل: إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت سبعة آلاف سنة، والمشهور أنه فرض في السنة السادسة من الهجرة، وقيل في الخامسة، وقيل قبل الهجرة، وقيل سنة تسع وهو الصحيح، لأن فتح مكة كان في التاسع عشر من رمضان سنة ثمان من الهجرة، وحج بالناس في تلك السنة عتاب بن أسيد ووقف بالمسلمين ووقف المشركون على ما كانوا يفعلون في الجاهلية فلما كانت سنة تسع فرض الحج، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر فحج بالناس تلك السنة، ثم أتبعه علي بن أبي طالب بسورة براءة فقرأها على الناس في الموسم، ونبذ للناس عهدهم، ونادى في الناس: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. ووافقت حجة أبي بكر في تلك السنة أن كانت في شهر ذي القعدة على ما كانوا يديرون الحج في كل شهر من شهور السنة فلما كانت سنة عشر حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته المسماة بحجة الوداع على ما يأتي في حديث جابر وغيره، ووافق النبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة أن وقع الحج في ذي الحجة في زمانه ووقته الأصلي الذي فرضه الله تعالى فيه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض" رواه أحمد والبخاري ومسلم اهـ من المفهم. ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد فرض الحج إلا مرة واحدة وهي حجة الوداع وهو معلوم من الدين بالضرورة فيكفر جاحده إلا إن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء، والعمرة فرض في الأظهر، وأما خبر الترمذي عن جابر سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي؟ قال:"لا, وأن تعتمر خير" فقد اتفق الحفاظ على ضعفه، ولا تجب في العمر بأصل الشرع إلا مرة كالحج وقد يجبان أكثر من مرة لعارض نذر أو قضاء عند إفساد التطوع، ووجوبهما على التراخي عند الشافعية، وأما