لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت. قالا: وحديث يعلى إنما أمره بغسل ما عليه لأن ذلك الطيب كان زعفرانًا وقد نهى الرجال عن الزعفران، وجواب آخر بأن قصة يعلى كانت بالجعرانة كما ثبت في هذا الحديث وهي في سنة ثمان بلا خلاف وحديث عائشة المذكور كان في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ من أمره صلى الله عليه وسلم بالآخر فالآخر، واستدل بحديث الباب على أن من أصابه طيب في إحرامه ناسيًا أو جاهلًا ثم علم فبادر إلى إزالته فلا كفارة عليه وهذا مذهب الشافعي، وقال مالك: إن طال ذلك عليه لزمته، وعن أبي حنيفة وأحمد في أصح الروايتين عنه تجب مطلقًا، وقال ابن بطال: لو لزمته الفدية لبينها النبي صلى الله عليه وسلم أي في حديث الباب لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وفرق مالك فيمن تطيب وليس ناسيًا بين من بادر فنزع وغسل وبين من تمادى، والشافعي أشد موافقة للحديث لأن السائل في حديث الباب كان غير عارف بالحكم وقد تمادى ومع ذلك لم يؤمر بالفدية، وقول مالك فيه احتياط، وأما قول الكوفيين والمزني فمخالف لهذا الحديث، وأجاب ابن المنير في الحاشية بان الوقت الذي أحرم فيه الرجل في الجبة كان قبل نزول الحكم ولهذا انتظر النبي صلى الله عليه وسلم الوحي قال: ولا خلاف أن التكليف لا يتوجه على المكلف قبل نزول الحكم فلهذا لم يؤمر الرجل بفديته عما مضى بخلاف من لبس الًان جاهلًا فإنه جهل حكمًا استقر وقصر في علم ما كان عليه أن يتعلمه لكونه مكلفًا به، وقد تمكن منه اهـ فتح، قوله (واخلع عنك جبتك) أي وانزعها استدل به على أن المحرم إذا صار عليه مخيط نزعه ولا يلزمه تمزيقه ولا شقه خلافًا للنخعي والشعبي حيث قالا: لا ينزعه من قبل رأسه لئلا يصير مغطيًا لرأسه أخرجه ابن أبي شيبة عنهما، وعن علي نحوه، وكذا عن الحسن وأبي قلابة، وقد وقع عند أبي داود بلفظ: اخلع عنك الجبة فخلعها من قبل رأسه كذا في الفتح، قوله (واصنع في عمرتك ما أنت صانع) الخ من اجتناب المحرمات فالحديث دال على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، قال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن مجراها واحد، وقال النواوي: إنه صلى الله عليه وسلم أراد مع ذلك الطواف والسعي والحلق بصفاتها وهيئاتها وإظهار التلبية وغير ذلك مما يشترك فيه الحج والعمرة، ويخص من عمومه ما لا