للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ تَرَى فِي رَجُل أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ إِلَيهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ سَاعَةً. ثُم سَكَتَ. فَجَاءَهُ الْوَحْيُ. فَأشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى بْنِ أمَيةَ: تَعَال. فَجَاءَ يَعْلَى. فَأدْخَلَ رَأسَهُ. فَإذَا النَّبِي صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ. يَغِطُّ سَاعَةً. ثم سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال: "أَينَ الَّذِي سَألَنِي عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا؟ " فَالْتُمِسَ الرجُلُ، فَجِيءَ بِهِ. فَقَال النَّبِيّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وسلم: "أَما الطِّيبُ الذِي بِكَ، فَاغسِلْهُ ثَلاثَ مَرات

ــ

صوف (فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب) وهذا يدل على أن السؤال إنما وقع عن استدامة الطيب بعد الإحرام لا عن استعماله عنده والله أعلم (فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعة) أي زمنًا قليلًا (ثم سكت) النبي صلى الله عليه وسلم عن رد جوابه انتظارًا للوحي (فجاءه) صلى الله عليه وسلم (الوحي) أي حامل الوحي (فأشار عمر) رضي الله عنه (بيده إلى يعلى بن أمية) بأن (تعال) أي بأن أقبل إلي (فجاء يعلى فأدخل رأسه) في المظلة كأنه علم أن ذلك لا يشق على النبي صلى الله عليه وسلم والفاء في قوله (فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه) عاطفة على ما قبلها، وإذا فجائية أي فأدخل رأسه في المظلة ففاجأه كون النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه حالة كونه صلى الله عليه وسلم (يغط ساعة) بفتح أوله وكسر الغين المعجمة وتشديد المهملة أي ينفخ من الغطيط، قال في المصباح: يقال غط يغط غطيطًا من باب ضرب نظير عز إذا تردد نفسه صاعدًا إلى حلقه حتى سمعه من حوله وسبب ما طرأ عليه صلى الله عليه وسلم من احمرار الوجه والغطيط حالة الوحي ثقله وشدته قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (ثم سري) بالبناء للمجهول أي كشف وأزيل (عنه) صلى الله عليه وسلم ما يجده من ثقل الوحي (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين) الرجل (الذي سألني عن) حكم (العمرة) أي عن مأموراته ومحظوراته (آنفًا) أي في الزمن القريب (فالتمس) أي طلب (الرجل) السائل (فجيء به) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) له (النبي صلى الله عليه وسلم: أما الطيب الذي بك فاغسله) عنك (ثلاث مرات) مبالغة في الإنقاء، قال القرطبي: فيه دليل على المبالغة في غسله حتى يذهب ريحه وأثره لا أن ثلاثًا حد في هذا الباب، ويحتمل أن ثلاثًا راجع إلى تكرار قوله (فاغسله) فكأنه قال اغسله اغسله اغسله يدل على صحته ما قد روي من عادته صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>