كانا على قواعد إبراهيم - عليه السلام - بخلاف الركنين الآخرين لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم - عليه السلام - ولما ردهما عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم - عليه السلام - استلمهما أيضًا، ولو بُني الآن كذلك استملت كلها اقتداء به صلى الله عليه وسلم صرح به القاضي عياض، وقال ابن عبد البر: روى عن جابر وأنس وابن الزبير والحسن والحسين رضي الله عنهم أنهم كانوا يستلمون الأركان كلها، وعن عروة مثل ذلك، واختلف عن معاوية وابن عباس في ذلك وقال أحدهما: ليس شيء من البيت مهجورًا، والصحيح عن ابن عباس أنه كان يقول: إلا الركن الأسود واليماني، وهما المعروفان باليمانيين، ولما رأى عبيد بن جريج جماعة يفعلون على خلاف ابن عمر سأله عن ذلك، قال الحافظ: وأجاب الشافعي عن قول من قال ليس شيء من البيت مهجورًا؛ بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف يهجره وهو يطوف به ولكنا نتبع السنة فعلًا وتركًا، ولو كان ترك استلامهما هجرًا لهما لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا لها ولا قائل به، ويؤخذ منه حفظ المراتب، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل كل واحد منزلته.
(فائدة) في البيت أربعة أركان الأول له فضيلتان كون الحجر الأسود فيه وكونه على قواعد إبراهيم - عليه السلام - وللثاني الثانية فقط وليس للآخرين شيء منهما فلذلك يقبل الأول ويُستلم ويُستلم الثاني فقط، ولا يُقبل الآخران ولا يُستلمان هذا على رأي الجمهور، واستحب بعضهم تقبيل الركن اليماني أيضًا اهـ وهو قول محمد من أصحابنا قياسًا على الركن الأول كما في شرح المشكاة اهـ فتح الملهم.
(وأما النعال) أي وأما تَخَصُّصِي بلبس النعال (السبتية) جمع نعل وهي مؤنثة، قال ابن الأثير: وهي التي تسمى الآن تاسومة، وقال ابن العربي: النعل لباس الأنبياء، وإنما اتخذ الناس غيرها لما في أرضهم من الطين، وقد يطلق على كل ما يقي القدم، قال صاحب المحكم: النعل والنعلة ما وُقيت به القدم (فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر) وهي التي تصنع من الجلود المدبوغة تُعمل بالطائف وغيره، وإنما كان يلبسها أهل الرفاهية (ويتوضأ فيها) ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم كان يغسل رجليه وهما في النعلين لأن قوله فيها أي في النعال ظرف لقوله يتوضأ