أعني ابن عباس، وهو بفتح الواو وتشديد الدال آخره نون موضع بقرب الجحفة بينه وبين الجحفة ثمانية أميال، وبالشك جزم أكثر الرواة، وجزم ابن إسحاق وصالح بن كيسان عن الزهري بودان، وجزم معمر وعبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن عمر بالأبواء، والذي يظهر لي أن الشك فيه من ابن عباس لأن الطبراني أخرج الحديث من طريق عطاء عنه على الشك أيضًا قاله الحافظ رحمه الله تعالى، وفي أسد الغابة كان الصعب ينزل ودان والأبواء من أرض الحجاز، ومر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدى له حمارًا وحشيًّا (فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فلما رده عليه تغير وجهه حزنًا لرده عليه (قال) الصعب (فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي) من أثر الحزن (قال) تطييبًا لقلبي (أنا لم نرده عليك إلا أنا حرم) أي محرمون فدل على أن الصيد حرام على المحرم، قوله (فلما أن رأى ما في وجهي) أي من الكراهية لرده عليَّ هديتي كما في رواية الترمذي وغيره (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم تطييبًا لخاطري وإزالة لحزني (إنا لم نرده عليك) الخ، قال القاضي عياض: ضبطنا لم نرده بفتح الدال للخفة وهو أفصح من الضم لثقله وإن كان مناسبًا لضم الهاء، ووقع في رواية الكشمهيني لم نردده بفك الإدغام وضم الأول وإسكان الثانية، ولا إشكال فيه كما في الفتح، والهمزة في قوله إنا مكسورة لوقوعها في الابتداء، وفي قوله إلا أنا مفتوحة على حذف لام التعليل منها، وقوله حرم بضمتين أي محرمون، والحرم جمع حرام وهو من أحرم بنسك، وفي رواية سعيد عن ابن عباس لولا أنا محرمون لقبلناه منك.
وفي المبارق: يجوز للمحرم أكل ما اصطاده الحلال في الحل سواء اصطاده لنفسه أو للمحرم إن لم يأمره محرم بصيده، ولم يدل عليه، ولا أعانه عليه، ولا أشار إليه لما رُوي أن الحرم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن لحم الصيد فقال: هل أشرتم إليه هل دللتم عليه؟ قالوا: لا، قال:"كلوا" قال الطحاوي: حديث الصعب لا يعمل به للاختلاف في روايته، وقال الشافعي: لا يجوز للمحرم أكل ما صاده حلال إذا صيد له، وحمل رد- النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصعب على علمه بأن الحمار صيد له اهـ.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: واستدل بهذا الحديث على تحريم الأكل من لحم الصيد على المحرم مطلقًا لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرمًا فدل على أنه سبب