المذكور من الأنواع الثلاثة (بدأ) مجاهد حينما حدثني، قال ملا علي: والأمر في قوله (فاحلق) للإباحة والأمر بالفدية للوجوب اهـ ووجه كون الأمر بالحلق للإباحة قيام قرينة دالة على عدم الوجوب وهي أن مشقة ذلك راجعة إلى نفسه وإلا فالأمر المطلق عن القرينة للوجوب، ولو ورد بعد الحظر كما هنا فإن الحلق كان من محظورات الإحرام، وقوله (وصم ثلاثة أيام) قال ابن التين وغيره: جعل الشارع هنا صوم يوم معادلًا بصاع، وفي الفطر من رمضان عدل مد وكذا في الظهار والجماع في رمضان، وفي كفارة اليمين بثلاثة أمداد وثلث، وفي ذلك أقوى دليل على أن القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات اهـ (أو أطعم ستة مساكين) ثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع (أو انسك نسيكة) أي اذبح ذبيحة، والنسك يطلق على العبادة وعلى الذبح المخصوص لكن الصوم يجوز في أي موضع كان، والذبح مختص بالحرم بالاتفاق، وأما الإطعام فغير مختص بمكة عند الأحناف خلافًا للشافعي اهـ ابن الملك.
ثم إن الحديث كما في المرقاة تفسير لقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وأو للتخيير فيهما اهـ وهي الآية التي قال عنها كعب: في أنزلت، وقال في فتح الملهم: وسياق هذه الرواية موافق للآية قال البخاري: وقد خيّر النبي صلى الله عليه وسلم كعبًا في الفدية، ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة ما كان في القرآن من لفظة أو فصاحبه بالخيار، قال الحافظ: وأقرب ما وقفت عليه من طرق حديث الباب إلى التصريح بالتخيير ما أخرجه أبو داود من طريق الشعبي عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إن شئت فانسك نسيكة، وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم" الحديث وفي رواية مالك في الموطإ عن عبد الكريم بإسناده في آخر الحديث أي ذلك فعلت أجزأ اهـ، قال القرطبي: وقد تبين بمجموع روايات هذا الحديث أنه كان محرمًا، وأنه لما أباح له الحلق أعلمه بما يترتب عليه من الفدية، وأنها ثلاثة أنواع مخير بينها وأن الصيام ثلاثة أيام، وأن الإطعام لستة مساكين مدين مدين لكل مسكين، وأن النسك شاة فصار هذا الحديث مفسرًا لما في قوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} الآية من مجمل وصار هذا الحديث مع الآية أصلًا في أن المحرم إذا استباح شيئًا من ممنوعات الإحرام التي لا تفسده فانتفع بذلك لزمته الفدية، قال أحمد بن صالح: حديث كعب بن