وصله تحلل من حجه بأفعال العمرة فيطوف ويسعى ويحلق، وإنما قلنا بأفعال العمرة لأنا لو قلنا بعمرة لزم أن يحرم بها من الحل إذ لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم وهو في تحلله، إنما بنى على إحرامه السابق والعمرة لا بد لها من إحرام يخصها، وله أن يبقى على إحرامه إلى قابل ويُجزئه ولا دم عليه، والمستحب أن يتحلل، وروى ابن وهب أنه يبقى على إحرامه إلى قابل وإن فعل لم يجزه، وهذا التخيير في التحلل إنما هو إذا صح قبل أشهر الحج فإن صح فيها لم يتحلل لأن استدامة الإحرام في أشهر الحج كإنشائه فيها وممن أنشأ الإحرام في أشهر الحج لم يتحلل منه وإذا كان المحصر بمرض لا يحله إلا الوصول إلى البيت فهل لمن أراد الإحرام بأحد النسكين أن يشترط في إحرامه أنه إن مرض تحلل وينفعه شرطه، قال القاضي عياض: فمالك وأبو حنيفة لا يريانه نافعًا ويحملان الحديث على أنه قضية في عين خاصة بهذه المرأة إذ لعلها كانت مريضة أو كان لها عذر فحللها بذلك، وأجاز له أن يشترط عمر وعلي وابن مسعود وأحمد وجماعة، وللشافعي في ذلك قولان وتأول له آخرون الحديث على أن المراد بالتحلل فيه التحلل بعمرة وكذلك جاء الحديث مفسرًا من رواية ابن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم أمر جماعة أن تشترط؛ اللهم الحج أردت فإن تيسر وإلا فعمرة، ونحوه عن عائشة أنها كانت تقول للحج خرجت فإن منعت منه بشيء فهو عمرة، وقال الأصيلي: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح، وقال النسائي: لا أعلم أحدًا أسنده عن الزهري غير معمر، قال النواوي: وهذا الذي عرض به القاضي ونقله عن الأصيلي من تضعيف الحديث غلط فاحش لأن الحديث مشهور في الصحيحين والمصنفات ونبهت على ذلك لئلا يغتر به، قال القاضي: والحديث حجة على أن المحصر بمرض لا يحله إلا البيت إذ لو لم يكن كذلك لم يكن لشرطه فائدة. (قلت) والحديث حجة للمخالف، فإن (قلت) الحديث يدل على أن المرض ليس بموجب للحصر إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى شرط (قلت) التحلل المشترط غير التحلل الذي عن حصر المرض على ما عرفت مما تقدم اهـ من الأبي.