وسلم حل من إحرامه ذلك حتى فرغ عن عمل الحج، وإن كان قد أطلق عليه لفظ التمتع بل قد قال ابن عمر في هذا الحديث إنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالعمرة ثم أهل بالحج، ولم يقل إنه حل من عمرته بل قال في آخر الحديث بعد أن فرغ من طواف القدوم إنه صلى الله عليه وسلم لم يحلل من شيء حرم عليه حتى قضى حجه، وهذا نص في أنه لم يكن متمتعًا فتعين تأويل قوله تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحتمل أن يكون معناه قرن لأن القارن يترفه بإسقاط أحد العملين وهو الذي يدل عليه قوله بعد هذا فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، ويحتمل أن يكون معناه أنه صلى الله عليه وسلم لما أذن في التمتع أضافه إليه، وفيه بعدٌ اهـ من المفهم (وأهدى) أي اشترى الهدي من الميقات وهو ذو الحليفة (فساق معه الهدي من ذي الحليفة) إلى مكة، وفيه الندب إلى سوق الهدي من المواقيت ومن الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس كذا في الفتح (وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم) في إحرامه بالعمرة أي أراد البداية بها (فأهل) أي أحرم أولًا (بالعمرة ثم أهل) أي أحرم ثانيًا (بالحج) قال القرطبي: ظاهره أنه أردف، وظاهر حديث أنس رضي الله عنه أنه قرنهما معًا فإنه قال:(سمعته يقول لبيك عمرةً وحجًّا) وقد استحب مالك للقارن أن يقدم العمرة في لفظه اقتداء بهذه الأخبار اهـ من المفهم، وقال النواوي: هو محمول على التلبية في أثناء الإحرام، وليس المراد أنه أحرم في أول أمره بعمرة ثم أحرم بحج اهـ، وفي فتح الملهم: استشكله القائلون بأنه صلى الله عليه وسلم كان مفردًا في أول الأمر ثم أدخل العمرة على الحج فصار قارنًا، قال الحافظ: وإنما المشكل هنا قوله بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج لأن الجمع بين الأحاديث الكثيرة في هذا الباب استقر كما تقدم على أنه بدأ أولًا بالحج ثم أدخل عليه العمرة وهذا بالعكس، وأجيب عنه بأن المراد به صورة الإهلال أي لما أدخل العمرة على الحج لبى بهما فقال لبيك بعمرةٍ وحجةٍ معًا، وهذا مطابق لحديث أنس المتقدم لكن قد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما ذلك على أنس رضي الله عنه فيحتصل أن يحمل إنكار ابن عمر عليه كونه أطلق أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما أي في ابتداء الأمر، ويعين هذا التأويل قوله في نفس الحديث وتمتع الناس فإن الذين تمتعوا إنما بدءوا بالحج لكن فسخوا حجهم إلى العمرة حتى حلوا بعد ذلك بمكة ثم حجوا عامهم اهـ منه.