على وجوب التبري أي على وجوب البراءة ممن لا يؤمن ولا يعتقد بثبوت صفة القدر لله تعالى، وقطع العلاقة منه لأنه كافر، وهذا هو الجزء الثالث من أجزاء الترجمة، وفي بيان إغلاظ القول وتشديده في حقه أي في حق من لا يؤمن بالقدر بعدم قبول إنفاقه في سبيل الله تعالى، وجميع أعماله الصالحة، وهذا هو الجزء الرابع من أجزاء الترجمة، وهذا الباب هو الباب الأول من أبواب كتاب الإيمان كما أشرنا إليه بالترقيم.
وبالسندين لنا المتصلين إلى المؤلف رحمه الله تعالى (قال أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري) أي المنسوب إلى قشير بوزن زبير بن كعب بن ربيعة أبي قبيلة من العرب كما في القاموس، وقدم الكنية على الاسم جريًا على مذهب الجمهور أنه إذا اجتمع الاسم والكنية يجوز تقديم الكنية على الاسم نحو: قال أبو بكر سعيد، وتأخيرها عنه نحو قال سعيد أبو بكر قال ابن عنقاء: والأصح أن تقديمها على الاسم حيث اجتمعا هو الراجح، وإن لم يجب، ولا سيما إذا أشعرت بمدح أو ذم لئلا يتوهم أنها لقب فإن قُصد الإشعار ابتداءً بتعظيم المسمى كما هنا وجب تقديمها لأنه مما يقصد به التعظيم ولا شيء فيها من معنى النعت، فإذا صُدرت عُلم أن المسمى معظم وأنها كنية لا لقب اهـ كواكب، وضابط الكنية هي ما صُدِّرت بأب أو أم كأبي بكر وأم كلثوم، وعُلم منه أن الكنية مجموع الاسمين المتضايفين لا ما بعد الأب والأم، وهذه الجملة القولية يحتمل كونها من كلام المؤلف رحمه الله تعالى على سبيل التجريد البديعي، وكونها من كلام بعض الراوة عنه، وأما قوله الآتي حدثني أبو خيثمة إلى آخر الكتاب فمقولٌ لقول محذوف معطوف على نبتدي تقديره قال أبو الحسين نبتدي بعون الله ونستكفي إياه فنقول: حدثني أبو خيثمة إلخ وقوله (رحمه الله) سبحانه وتعالى جملة دعائية خبرية اللفظ إنشائية المعنى، فكأنه قال اللهم ارحمه وقوله (بعون الله) أي بمعونة الله سبحانه وتعالى وإمداده وتوفيقه لا بمعونة غيره متعلق بقوله (نبتدئ) قدمه عليه لإفادة الحصر والقصر أي قال أبو الحسين نريد أيها السائل بداية ما سألتني تأليفه بمعونة الله تعالى وتوفيقه، وكذلك تقديم المعمول على عامله في قوله (وإياه) سبحانه وتعالى (نستكفي) في طلب المعونة، الغرض منه إفادة الحصر وفي المختار كفاه مؤونته يكفيه كفاية وكفاه الشيء واكتفى به واستكفيته الشيء فكفانيه. اهـ أي نكتفي بالله في طلب الإعانة على هذا