وسلم (ها هنا) أي في المحصب (ونحن يومئذ) أي يوم إذ نزلنا معه ها هنا (خفاف الحقائب) أي خفيفة حقائبنا جمع حقيبة وهو كل ما حمل في مؤخر الرحل والقتب من الحوائج، ومنه احتقب فلان كذا إذا حفظه في الحقيبة، قال الأبي: وظاهر الاستعمال أنه ما علق للحفظ فيه اهـ، وخفتها كناية عن قلة ما فيها كما يدل عليه قوله قليلة أزوادنا (قليل ظهرنا) أي مركبنا (قليلة أزوادنا فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان) أي عبد الرحمن بن عوف (وفلان) أي عثمان بن عفان كما مر عن القسطلاني (فلما مسحنا البيت) أي طفنا به، قال النواوي: المراد بالمسح الطواف، وعبر عن الطواف ببعض ما يفعل فيه، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
فلما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
لأن الطائف يمسح الركن أي الحجر الأسود أي فلما طفنا بالبيت وسعينا وحلقنا أو قصرنا (أحللنا) من إحرامنا (ثم) بعد تحللنا (أهللنا من العشي) أي من عشية يوم التروية ومسائه (بالحج قال هارون) بن سعيد الأيلي (في روايته أن مولى أسماء ولم يسم عبد الله) أي لم يذكر اسم عبد الله، وأما عائشة والزبير فمستثنيان من التحلل لأن عائشة لم تطف لعارض الحيض، وأما الزبير فلم يتحلل لأنه ممن ساق معه الهدي كما مر، قال الأبي: قوله (ثم أهللنا) يعني في حجة الوداع وحينئذ يشكل مع ما في الحديث الذي قبله أن الزبير ممن كان معه الهدي فلم يحل وكذلك عائشة لم تحل أيضًا لأنها كانت حائضًا، وعند التعارض وعدم إمكان الجمع لم يبق إلا الفزع إلى الترجيح بموجباته، ولهذا والله أعلم ذكره مسلم رحمه الله تعالى في الأتباع والشواهد اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري فقط اهـ تحفة الأشراف.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثلاثة، الأول لعائشة ذكره للاستدلال، والثاني حديث أسماء الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أسماء الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا والله أعلم.