للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَمْشُوا مَا بَينَ الرُّكْنَينِ. لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ. فَقَال الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ. هَؤُلاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا, إِلَّا الإِبْقَاءُ عَلَيهِمْ

ــ

الأشواط الثلاثة الأولى، والأشواط بفتح الهمزة بعدها معجمة جمع شوط بفتح الشين وهو الجري مرةً إلى الغاية، والمراد به هنا الطوافة حول الكعبة، قال الحافظ: وفي الحديث جواز تسمية الطوفة شوطًا، ونقل عن مجاهد والشافعي كراهته (و) أن (يمشوا) على عادتهم (ما بين الركنين) اليمانيين إبقاءً لقوتهم أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين فإنهم ما كانوا في تلك الجهة، وكان هذا الأمر في عمرة القضاء سنة سبع، وقد رمل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من الحجر إلى الحجر كما مر فيؤخذ بالآخر فالآخر من أمره صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لا يعارض هذا ما تقدم من الأحاديث الدالة على أن الرمل يستغرق كل واحد من الأشواط الثلاثة أي أمرهم بالرمل (ليرى المشركون جلدهم) بفتح الجيم واللام؛ أي قوتهم لهذا الفعل لأنه أقطع في تكذيبهم وأبلغ في نكايتهم، قال الحافظ: ويؤخذ منه جواز إظهار القوة بالعدة والسلاح ونحو ذلك للكفار إرهابًا لهم ولا يعد ذلك من الرياء المذموم، وفيه جواز المعاريض بالفعل كما يجوز بالقول وربما كانت بالفعل أولى اهـ (فقال المشركون هولاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هولاء أجلد) وأقوى (من كذا وكذا) أي من قدم كذا وكذا أو من فلان وفلان (قال ابن عباس ولم يمنعه) صلى الله عليه وسلم (أن يأمرهم) أي أن يأمر المسلمين (أن يرملوا) بضم الميم؛ وهو في موضع المفعول ليأمرهم تقول أمرته بكذا وأمرته كذا (الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم) بكسر الهمزة وسكون الموحدة بعدها القاف والمد أي الرفق بهم والإشفاق عليهم والمعنى لم يمنعه صلى الله عليه وسلم من أمرهم بالرمل في جميع الطوفات إلا الرفق بهم والشفقة عليهم، قال القرطبي: روينا قوله إلا الإبقاء عليهم بالرفع على أنه فاعل يمنعه، وبالنصب على أن يكون مفعولًا لأجله ويكون يمنعه ضمير عائد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فاعله كذا في الفتح، وضمير المفعول في يمنعه فسره بالإبدال عنه جملة قوله أن يأمرهم أي لم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالرمل إلا لأجل الإبقاء والشفقة عليهم، وحاصل معنى كلام ابن عباس أي فما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يستغرقوا جميع جهات

<<  <  ج: ص:  >  >>