وصححه وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق، لكنه اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه لكن له طريق أخرى في صحيح بن خزيمة فيقوى بها، وقد رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن عطاء مختصرًا ولفظه "الحجر الأسود من الجنة" وحماد ممن سمع عن عطاء قبل الاختلاط، وفي صحيح ابن خزيمة أيضًا عن ابن عباس مرفوعًا:"إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق" وصححه أيضًا ابن حبان والحاكم وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم أيضًا كذا في الفتح، قال الحافظ: واعترض بعض الملحدين على الحديث السابق فقال: كيف سودته خطايا بني آدم ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ وأجيب بما قال ابن قتيبة: لو شاء الله تعالى لكان ذلك، وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ على العكس من البياض، وقال المحب الطبري: في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد، قال: وروي عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة فإن ثبت فهذا هو الجواب.
قال القاضي عياض: قوله (ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلخ فيه الاقتداء وترك الاعتراض على السنن بالعقل، وفيه أن تقبيل الحجر ليس عبادة له بل لله تعالى وامتثالًا لأمر كأمر الملائكة عليهم السلام بالسجود لآدم - عليه السلام - وشرع التكبير مع ذلك إشعارًا بأن القصد به لله تعالى لا لغيره والتحسين والتقبيح عندنا شرعيان لا عقليان والعبادة منها ما عقل معناه ومصلحته ومنها مالا فوضع الحجر لمجرد التعبد به وامتثال الأمر به واطراح استعمال العقل وأكثر أفعال الحج من هذا الباب، ولهذا جاء في بعض التلبية لبيك بحجة حقًّا تعبدًا ورقًا اهـ من إكمال المعلم (زاد هارون) بن سعيد (في روايته) على حرملة بن يحيى لفظة (قال عمرو) بن الحارث (وحدثني بمثلها) أي بمثل رواية ابن شهاب (زيد بن أسلم عن أبيه أسلم) أما زيد فهو زيد بن أسلم العدوي مولاهم مولى عمر بن الخطاب المدني، ثقة، من (٣) روى عنه في (١٢) بابا وأما أبوه فهو أسلم مولى عمر من سبي عين التمر، وقيل حبشي، وقيل من سبى اليمن يكنى أبا خالد، روى عن عمر رضي الله عنه في الفرائض والرحمة، وعبد الله بن عمر في الجهاد، وأبي بكر ومعاذ ويروي عنه (ع) وابنه زيد ونافع، قال أبو زرعة: ثقة مخضرم، مات سنة (٨٠) ثمانين وهو ابن أربع عشرة ومائة، وصلى عليه مروان بن الحكم، وليس من رجال