وراء الناس) إنما أمرها أن تطوف وراء الناس ليكون أستر لها ولا تقطع صفوفهم ولا يتأذون بدابتها، ففي الحديث جواز الطواف للراكب إذا كان لعذر ويلتحق بالراكب المحمول (وأنت راكبة) أي على بعيرك كما في بعض الروايات، قال ملا علي: فيه دلالة على أن الطواف راكبًا ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، وقال ابن بطال: في هذا الحديث جواز إدخال الدواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك لأن بولها لا ينجسه بخلاف غيرها من الدواب، وتعقب بأنه ليس في الحديث دلالة على الجواز مع الحاجة بل ذلك دائر على التلويث وعدمه فحيث يخشى التلويث يمتنع الإدخال، وقد قيل إن ناقته صلى الله عليه وسلم كانت منوقة أي مدربة معلمة فيؤمن منها التلويث وهي سائرة فيحتمل أن يكون بعير أم سلمة كان كذلك والله أعلم كذا في الفتح، وقال النواوي: وهذا الحديث لا دلالة فيه لأنه ليس من ضرورته أن يبول أو يروث في حال الطواف وإنما هو محتمل وعلى تقدير حصوله ينظف المسجد منه كما أنه صلى الله عليه وسلم أقر إدخال الصبيان الأطفال المسجد مع أنه لا يؤمن بولهم بل قد وجد ذلك ولأنه لو كان ذلك محققًا لنُزِّه المسجد منه سواء كان نجسًا أو طاهرًا لأنه مستقذر (قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي) بالناس صلاة الصبح (إلى جنب البيت) أي منتهيًا إلى جدار الكعبة (وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور) أي هذه السورة، وفي بعض الروايات فطوفي على بعيرك والناس يصلون، وإنما طافت في حال صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أستر لها لخلاء المطاف حينئذ من الناس، وكانت هذه الصلاة صلاة الصبح قاله النواوي بزيادة من شرح الأبي. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٦/ ٢٩٠]، والبخاري [٤٦٤]، وأبو داود [١٨٨٢]، والنسائي [٥/ ٢٢٣]، وابن ماجه [٢٩٦١].
وفي العون: قوله (إلى جنب البيت) أي متصلًا إلى جوار الكعبة، وفيه تنبيه على أن أصحابه كانوا متحلقين حولها اهـ، وقوله (وهو يقرأ بالطور) أي بهذه السورة في ركعة واحدة كما هي عادته صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه قرأها في ركعتين وكان الأولى للراوي أن يقول يقرأ الطور أو يكتفي بالطور ولم يقل وكتاب مسطور كذا في المرقاة اهـ من العون.