في الجاهلية) هذه الرواية تقتضي أن تحرجهم إنما كان لئلا يفعلوا شيئًا كانوا يفعلونه في الجاهلية لأن الإسلام أبطل أفعال الجاهلية إلا ما أذن فيه الشارع فخشوا أن يكون ذلك من أمر الجاهلية الذي أبطله الشارع وهذا بخلاف ما تقتضيه رواية أبي أسامة الآتية بعدها وكذا سائر أحاديث الباب من طريق الزهري فإنها كلها متفقة على أن التحرج عن الطواف بين الصفا والمروة إنما وقع لكونهم كانوا لا يفعلونه في الجاهلية ويقتصرون على الطواف بمناة فسألوا عن حكم الإسلام في ذلك، قال الحافظ؟ فيحتمل أن يكون الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته رواية أبي معاوية ومنهم من كان لا يقربهما على ما اقتضته رواية الزهري واشتراك الفريقين في الإسلام على التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية فيُجمع بين الروايتين بهذا، وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي والله أعلم اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ١٤٤]، والبخاري [١٦٤٣]، والترمذي [٢٩٦٥]، والنسائي [٥/ ٢٣٨].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
٢٩٦٠ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة أخبرني أبي قال قلت لعائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي أسامة لأبي معاوية (ما أرى) بفتح الهمزة أي ما أظن أن (عليّ جناحًا) أي ذنبًا في (أن لا أتطوف) ولا أسعى في حجي (بين الصفا والمروة) هما علمان للجبلين بمكة (قالت) عائشة (لِمَ) قلت هذا الكلام؟ قال عروة (قلت) أنا لها (لأن الله عزَّ وجلَّ يقول) في كتابه العزيز ({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}) أي من أعلام مناسكه ومتعبداته أتم (الآية فقالت) عائشة (لو كان) معنى هذه الآية (كما تقول) وتزعم يا عروة من نفي الجناح في ترك الطواف بينهما (لكان) النظم القرآني