وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأسود للقاسم بن محمد (قالت) عائشة والله (لقد رأيتني) أي لقد رأيت نفسي (أفتل) وألوي (القلائد لهدي رسول الله على الله عليه وسلم من الغنم فيبعث به) أي بهديه إلى مكة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة تع (ثم يقيم فينا) في المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم (حلالًا) أي فاعلًا ما يفعله الحلال من محظورات الإحرام من المباشرة بأزواجه واستعمال الطيب ولبس المخيط مثلًا (قولها من الغنم) تفرد الأسود عن عائشة بتقليد الغنم دون بقية الرواة عنها من أهل بيتها وغيرهم، قال الحافظ: قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليد الغنم، زاد غيره وكأنهم لم يبلغهم الحديث ولم نجد لهم حجة إلا قول بعضهم إنها تضعف عن التقليد، وهي حجة ضعيفة لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتفقوا على أنها لا تشعر لأنها تضعف عنه فتقلد بما لا يضعفها، والحنفية في الأصل يقولون ليست الغنم من الهدي فالحديث حجة عليهم من جهة أخرى، قال الشيخ بدر الدين العيني: وهذا افتراء على الحنفية ففي أي موضع قالت الحنفية إن الغنم ليست من الهدي بل كتبهم مشحونة بأن الهدي اسم لما يهدى من النعم إلى الحرم ليتقرب به قالوا: وأدناه شاة لقول ابن عباس رضي الله عنه: ما استيسر من الهدي شاة، ومن هذا قالوا: الهدي إبل وبقر وغنم ذكورها وإناثها حتى قالوا هذا بالإجماع، وإنما مذهبهم أن التقليد في البدنة، والغنم ليست من البدنة فلا تقلد لعدم التعارف بتقليدها إذ لو كان تقليدها سنة لما تركوها، وقالوا في الحديث المذكور تفرد به الأسود ولم يذكره غيره على ما ذكرنا، وادعى صاحب المبسوط إنه أثر شاذ. (فإن قلت) كيف تركوها وقد ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه أن ابن عباس قال: لقد رأيت الغنم يؤتى بها مقلدة؟ (قلت) ليس في ذلك كله أن التقليد كان في الغنم التي سيقت في الإحرام وأن أصحابها كانوا محرمين على أنا نقول إنهم ما منعوا الجواز، وإنما قالوا إن التقليد في الغنم ليس بسنة اهـ فتح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: