إسماعيل ومن وافقه، وفي رواية عثمان بن عمر عن مالك جعل عمودين عن يمينه وعمودين عن يساره، قال الدارقطني: لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك وسيأتي في روأية أبي أسامة وعبيد الله عن نافع بين العمودين المقدمين، وفي رواية عبد الله بن يوسف عن مالك جعل عمودًا عن يساره وعمودًا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وليس بين هاتين الروايتين مخالفة، ولكن قوله في رواية مالك وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة مشكل لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ولهذا عقبه البخاري برواية إسماعيل التي قال فيها عمودين عن يمينه، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه حيث ثنى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحيث أفرد أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك، ويرشد إلى ذلك قوله وكان البيت يومئذ لأن فيه إشعارًا بأنه تغير عن هيئته الأولى اهـ فتح الملهم، قال القرطبي: وظاهر هذا الاختلاف اضطراب ويمكن أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم تكررت صلاته في تلك المواضع وإن كانت قضية واحدة فإنه صلى الله عليه وسلم مكث في الكعبة طويلًا اهـ من المفهم.
وفي الحديث من الفوائد سؤال المفضول مع وجود الأفضل والاكتفاء به، والحجة بخبر الواحد ولا يقال هو أيضًا خبر واحد فكيف يحتج للشيء نفسه لأنا نقول هو فرد ينضم إلى نظائر مثله يوجب العلم بذلك، وفيه السؤال عن العلم والحرص فيه، وفضيلة ابن عمر بشدة حرصه على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ليعمل بها، قال الحافظ: ويستفاد من قوله (ثم صلى) أن قول العلماء تحية المسجد الحرام الطواف مخصوص بغير داخل الكعبة لكونه صلى الله عليه وسلم جاء فأناخ عند البيت فدخله فصلى فيه ركعتين فكانت تلك الصلاة إما لكون الكعبة كالمسجد المستقل وهو تحية المسجد العام، قال: وفيه استحباب الصلاة في الكعبة وهو ظاهر في النفل ويلتحق به الفرض إذ لا فرض بينهما في مسئلة الاستقبال للمقيم وهو قول الجمهور، وعن ابن عباس لا تصح الصلاة داخلها مطلقًا وعلله بأنه يلزم من ذلك استدبار بعضها، وقد ورد الأمر باستقبالها فيحمل على استقبال جميعها، وقال به بعض المالكية والظاهرية والطبري، وقال المازري: المشهور في المذهب منع صلاة الفرض داخلها ووجوب الإعادة، وعن ابن عبد الحكم الإجزاء، وصححه ابن عبد البر وابن العربي، وعن ابن حبيب يعيد أبدًا وعن أصبغ إن كان متعمدًا وأطلق الترمذي، وعن مالك جواز النوافل، وقيده بعض أصحابه بغير