لمسجد للصلاة فيه إلَّا لهذه الثلاثة لا أنَّه لا يسافر أصلًا إلَّا لها (مسجدي هذا) يعني المسجد النبوي بالجر على البدلية، ويجوز القطع إلى الرفع أو النصب (والمسجد الحرام) والمراد به جميع الحرم، وقيل: يختص بالموضع الذي يصلي فيه دون البيوت وغيرها من أجزاء الحرم (والمسجد الأقصى) أي بيت المقدس، وسمي بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة بالنسبة إلى مسجد المدينة لأنه بعيد عن مكة والبيت المقدس أبعد منه، وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ولأن الأول أُسس على التقوى، والثاني قبلة النَّاس وإليه حجهم، والثالث: كان قبلة الأمم السالفة وقبلة المسلمين في الأوائل، قال قزعة بن يحيى:(وسمعته) أي سمعت أَبا سعيد (يقول): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة يومين) أي مسيرة يومين (من الدهر إلَّا ومعها ذو محرم) وقرابة (منها أو) ومعها (زوجها). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٢٧٢٦] , والتِّرمذيّ [١١٦٩] , وابن ماجه [٢٨٩٨].
قال القرطبي: ومعنى قوله: (لا تشدوا الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد) أي لا تسافروا لمسجد لفعل قربة فيه إلَّا إلى هذه المساجد الثلاثة لأفضليتها ومزيتها على غيرها من المساجد، ولا خلاف في أن هذه المساجد الثلاثة أفضل من سائر المساجد كلها، ومقتضى هذا النهي أن من نذر المشي أو المضي إلى مسجد من سائر المساجد للصلاة فيه ما عدا هذه الثلاثة وكان منه على مسافة يحتاج فيها إلى إعمال المطي وشد رحالها لم يلزمه ذلك إلَّا أن يكون نذر مسجدًا من هذه المساجد الثلاثة، وقد ألحق محمَّد بن مسلمة مسجد قباء بهذه المساجد الثلاثة فصار شد الرحال في هذا الحديث عبارة عن السفر البعيد فأما لو كان المسجد قريبًا منه لزمه المضي إليه إذا نذر الصلاة فيه إذ لم يتناوله هذا النهي اهـ مفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال: