لو تركها وهذا لا اختلاف فيه كما يدل عليه حديث عائشة في قصة الإفك والله أعلم.
(ولا تسافر المرأة) بصيغة النهي أي سفر كان طويلًا أو قصيرًا (إلا مع ذي محرم) يستحيى منه (فقام رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه (فقال: يَا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة) أي أرادت الخروج للسفر قاصدة للحج وليس معها أحد من المحارم، وفي رواية وامرأتي تريد الحج (وإني اكتتبت) بالبناء للمجهول المسند إلى المتكلم من باب الافتعال أي كتب اسمي في أسماء من عُين (في غزوة كذا وكذا) أي أثبت اسمي فيمن يخرج فيها، قال القرطبي: أي ألزمت وأثبت اسمي في ديوان ذلك البعث اهـ مفهم، ولم أر من عين تلك الغزوة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انطلق) أي اذهب (فحج مع امرأتك) فيه تقديم الأهم إذ في الجهاد يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها اهـ نووي، قال الحافظ: أخذ بظاهره بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره وبه قال أَحْمد وهو وجه للشافعية، والمشهور أنَّه لا يلزمه كالولي في الحج عن المريض فلو امتنع إلَّا بأجرة لزمتها لأنها من سبيلها فصار في حقها كالمؤنة، واستدل به على أنَّه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض وبه قال أَحْمد وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي، وأما ما رواه الدارقطني من طريق إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج فليس لها أن تنطلق إلَّا بإذن زوجها، فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع عملًا بالحديثين، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها وإنما اختلفوا فيما كان واجبًا اهـ فتح الملهم.
قال القرطبي:(قوله: انطلق فحج مع امرأتك) هو فسخ لما كان التزم من المضي للجهاد ويدل على تأكد أمر صيانة النساء في الأسفار وعلى أن الزوج أحق بالسفر مع زوجته من ذوي رحمها ألا ترى أنَّه لم يسأله هل لها محرم أم لا, ولأن الزوج يطلع من الزوجة على ما لا يطلع منها ذو المحرم فكان أولى فإذًا قوله صلى الله عليه وسلم في