الهوامش، قال الحافظ: ومحصل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدور كلها باعتبار ما ورثاه من أبيهما لكونهما كانا لم يسلما، وباعتبار ترك النبي صلى الله عليه وسلم لحقه منها بالهجرة، وفقد طالب ببدر، فباع عقيل الدور كلها اهـ. وقوله صلى الله عليه وسلم:"وهل ترك لنا عقيل من دار" فيه دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن مكة فتحت صلحًا وأن دورها مملوكة لأهلها لها حكم سائر البلدان في ذلك فتُورث عنهم ويجوز لهم بيعها ورهنها وإجارتها وهبتها والوصية بها وسائر التصرفات، وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وآخرون: فتحت عنوة فلا يجوز شيء من هذه التصرفات، وفيه أن المسلم لا يرث الكافر وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما روي عن إسحاق بن راهويه وبعض السلف أن المسلم يرث الكافر، وأجمعوا على أن الكافر لا يرث المسلم وستأتي المسألة مبسوطة في موضعها إن شاء الله تعالى والله أعلم. واختلف في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم عقيلًا على ما يخصه هو فقيل: ترك له ذاك تفضلًا عليه، وقيل: استمالة له وتأليفًا، وقيل: تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتها، وفي قوله:(وهل ترك لنا عقيل من دار) إشارة إلى أنه لو تركها بغير بيع لنزل فيها، وفيه تعقب على الخطابي حيث قال: إنما لم ينزل النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأنها دور هجروها في الله تعالى بالهجرة فلم ير أن يرجع في شيء تركه لله تعالى، وفي كلامه نظر لا يخفى والأظهر ما قدمته وأن الذي يختص بالترك إنما هو إقامة المهاجر في البلد التي هاجر منها لا مجرد نزوله في دار يملكها إن أقام المدة الماذون له فيها وهي أيام النسك وثلاثة أيام بعده والله أعلم، قوله:(ولم يرثه جعفر) وهو المشهور بالطيار ذي الجناحين، وطالب أسن من عقيل وهو من جعفر، وهو من علي، والتفاوت بين كل واحد والآخر عشر سنين وهو من النوادر. وقوله:(لأنهما كانا مسلمين) قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم في أوائل الإسلام لأن أبا طالب مات قبل الهجرة، ويحتمل أن تكون الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان أبو طالب قد وضع يده على ما خلفه عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان شقيقه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي طالب بعد موت جده عبد المطلب فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل فلما تقرر حكم الإسلام بترك