يا سائب يذكر (في) شان (الإقامة) والمكث (بمكة شيئًا) أي يذكر في شأن إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه شيئًا من الأحكام تحليلًا أو تحريمًا (فقال السائب) بن يزيد لعمر بن عبد العزيز: (سمعت العلاء بن الحضرمي) عبد الله بن عمار حليف بني أمية الصحابي الجليل رضي الله عنه كان مجاب الدعوة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر صاحب البحرين فحال بينهما البحر فدعا بكلمات فركبوا على البحر فجاوزوه، له أحاديث اتفقا على حديث، وانفرد (م) بخمسة، ويروي عنه السائب بن يزيد وأبو هريرة، عَامَلَ على البحرين للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، ومات بها سنة (٢١) إحدى وعشرين وهو على البحرين، وقيل قبل ذلك، وهذا الحديث من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بحراني وواحد حجازي وواحد بصري، وفيه رواية صحابي عن صحابي، حالة كون العلاء (بقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): يجوز اللمهاجر) من مكة إلى المدينة قبل الفتح (إقامة ثلاث) ليال (بعد الصدر) بفتح المهملتين أي بعد طواف الصدر وهو طواف الوداع قاله العيني، وقال الحافظ: أي بعد الرجوع من منى، وقوله:(بمكة) متعلق بإقامة (كانه) صلى الله عليه وسلم (يقول) أي يريد بذلك إلا يزيد) في الإقامة بمكة بعد الصدر (عليها) على ثلاث ليال.
وفقه هذا الحديث أن الإقامة بمكة كانت حرامًا على من هاجر منها قبل الفتح لكن أُبيح لمن قصدها منهم بحج أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها، قال النواوي: معنى الحديث إن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة اهـ ولذلك قال الراوي: (كأنه) صلى الله عليه وسلم (يقول لا يزيد عليها).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٣٣٩]، والبخاري [٣٩٣٣]، وأبو داود [٢٠٢٢]، والترمذي [٩٤٩]، والنسائي [٣/ ١٢٢]، وابن ماجه [١٠٧٣].
قال القرطبي: قوله: (للمهاجر إقامة ثلاث) والمراد بالمهاجر هنا من هاجر من