روى عنه في (٦) أبواب (عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم) الأنصاري المازني المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وهو أخو أبي عباد بن تميم لأمه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم) الخليل - عليه السلام - (حرّم مكة) المكرمة أي بلّغ حكم تحريمها أي حكم تعظيم الله إياها أي بلّغ إلى الناس بتعظيم الله إياها من بين بقاع الأرض بتحريم اصطياد صيدها وقطع شجرها وحرمة القتال فيها فلا يعارض ما تقدم من قوله: "إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس" ويحتمل أن يكون وكل إليه تحريمها فصحت بذلك نسبة التحريم مرة إلى الله تعالى ومرة إلى إبراهيم - عليه السلام - اهـ من الأبي. وعلى ذلك يُحمل قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "وإني أحرم ما بين لابتي المدينة" وقد دل على صحة هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس" اهـ من المفهم (ودعا) إبراهيم - عليه السلام - (لأهلها) أي لأهل مكة بقوله: {وَاززُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}(وإني حرمت المدينة) أي بلغت تحريم الله تعالى وتعظيمه إياها، قال المازري: وهذا حجة لمالك في تحريم صيدها وقطع شجرها، وأنكر تحريمها الحنفية على أصلهم في رد خبر الواحد فيما تعم به البلوى ولحديث: "ما فعل النغير يا أبا عمير" والجواب عن الأول بأن الحديث قد اشتهر واتفق على صحته وقد يكون بيانه بيانًا شافيًا ولكن اكتفى الناس بنقل بعض الأخبار عن بعض، والجواب عن الثاني بأنه يحتمل أن يكون ذلك قبل التحريم أو يكون النغير إنما صيد من الحل لا من حرم المدينة، والمشهور عندنا أنه لا جزاء فيما صيد في حرم المدينة لعدم النص وثبوت التحريم لا يُوجب الجزاء والأصل براءة الذمة والله أعلم اهـ من الأبي (كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها) أي في صالح المدينة (ومدها) في ذي صاعها وذي مدها أي فيما يكال بالصاع والمد أي دعوت البركة في المكيل بهما فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال لأن الدعاء إنما هو بالبركة في الطعام المكيل بهما لا في المكيال اهـ من المفهم، قال الأبي: الأظهر في البركة في المكيل بهما ليُستعمل في الاقتيات في الحال فلا يتناول غير الطعام ولا الطعام