وعبد الرحمن بن أبي عمرة في الأحكام، وأبيه وابن عباس، ويروي عنه (م د ت س) وأبو بكر بن محمد بن حزم وابنه محمد والزهري، وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة شريف نبيل، من الثالثة، مات بمصر سنة (٩٦) ست وتسعين (عن رافع بن خديج) بن رافع بن عدي الأنصاري الأوسي الصحابي المشهور المدني، روى عنه في (٥) أبواب. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد بلخي و (قال) رافع بن خديج: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إبراهيم) - عليه السلام - (حرم مكة) أي بلّغ وأظهر حرمتها وعظمتها إلى الناس (وإني أحرم) أي أُبلغ وأظهر حرمة إما بين لابتيها) أي ما بين لابتي المدينة وحرّتيها وطرفيها الشرقي والغربي، قال الراوي:(يريد) النبي صلى الله عليه وسلم بضمير لابتيها (المدينة) المنورة بنور رسول الله صلى الله عليه وسلم، واللابتان تثنية اللابة بتخفيف الموحدة وهي الحرة والمدينة المنورة بين حرتين وغربية تكتنفانها، والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود كأنها أحرقت بالنار ومعنى ذلك اللابتان وما بينهما؛ والمراد تحريم المدينة ولابتيها، وفي المرقاة: قوله: (إني أحرم ما بين لابتيها) أي أعظم ما بين جانبيها أو أحرم تخريب ما بينهما وتضييع ما فيهما من زينة البلد وليس المراد مثل تحريم مكة بالإجماع اهـ قال الحافظ: وقد تكرر ذكر اللابة في الحديث، ووقع في حديث عند أحمد:"أنا أحرم المدينة ما بين حرتيها" فادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية ما بين جبليها، وفي رواية ما بين لابتيها، وفي رواية ما بين مأزميها، وتعقب بأن الجمع بينها واضح وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح ولا شك أن رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب، وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر، وأما رواية مأزميها فهي في بعض طرق حديث أبي سعيد، والمأزم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين، وقد يطلق على الجبل نفسه كذا قال الحافظ في الفتح، وقال النووي: للمدينة لابتان شرقية وغربية اهـ فهذا يخالف ما جوزه الحافظ من كونهما جنوبًا وشمالًا والله أعلم اهـ فتح الملهم. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى اهـ من تحفة الأشراف.