عمر (اشتد علينا) في المدينة (الزمان) أي حوادث الزمان (فقال لها) أي للمولاة (عبد الله) بن عمر (اقعدي) أي امكثي واطمئني في المدينة ولا تخرجي منها يا (لكاع) أي يا غَبِيَّة أو يا لئيمة أو يا حمقاء خاطبها به إنكارًا لما أرادته من الخروج وتثبيطًا لها، يقال للرجل: لكع كصرد، وللمرأة لكاع كقطام، ولا يستعملان إلا في النداء إلا ما شذ من الشعر كقول أبي الغريب النصري:
أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع
أي لئيمة
ولكاع بفتح اللام، وأما العين فمبنية على الكسر، قال أهل اللغة: يقال امرأة لكاع بفتح اللام، ورجل لكع بضم اللام وفتح الكاف، ويطلق ذلك على اللئيم وعلى العبد وعلى الغبي الذي لا يهتدي لكلام غيره وعلى الصغير وهو من الأسماء المبنية على الكسر كحذام وقطام لشبهه بالحرف شبهًا معنويًا لتضمنه معنى حرف التأنيث وهو التاء، وإنما حُرِّك فرارًا من التقاء الساكنين وكانت الحركة كسرة لأنها الأصل في حركة التخلص وضم بناء المنادى مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي كما بيناه في نزهة الألباب، وإنما أمرتك بالقعود (فإني) أي لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصبر على لأوالها) أي على لأواء المدينة وجوعها (وشدتها) أي شدة وبائها وضيق معيشتها (أحد) من المسلمين (إلا كنت له شهيدًا) إن كان من أهل زماني (أو شفيعًا) إن كان من غيرهم (يوم القيامة). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ١١٣ و ١١٩ و ١٣٣]، والنسائي كما في تحفة الأشراف، ومالك في الموطإ [٢/ ٨٨٥].
قال النواوي: وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب مع ما سبق وما بعدها دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة والصبر على شدائدها وضيق العيش فيها وأن هذا الفضل مستمر إلى يوم القيامة، وقد اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة قال أبو حنيفة وطائفة: تكره المجاورة بمكة، وقال أحمد بن حنبل وطائفة: لا تكره المجاورة