الإقامة فيها وغير ذلك، جوابه محذوف تقديره لما ارتحلوا منها اهـ ابن الملك، ويحتمل أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب أي ليتهم يعلمون خيريتها، وعلى كلا الوجهين ففيه تجهيل لمن فارقها وآثر غيرها قالوا: والمراد الخارجون من المدينة رغبة عنها كارهين لها، وأما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد أو نحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث، قال الطيبي: والذي يقتضيه هذا المقام أن ينزل (يعلمون) منزلة اللازم لينتفي عنهم المعرفة بالكلية، ولو ذهب مع ذلك إلى التمني لكان أبلغ لأن التمني طلب ما لا يمكن حصوله أي ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظًا وتشديدًا (ثم يفتح اليمن) بالتذكير والتأنيث (فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) وقال البيضاوي: المعنى أنه يفتح اليمن فيُعجب قومًا بلادها وعيش أهلها فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم وأهليهم حتى يخرجوا من المدينة، والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجواره ومهبط الوحي ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها، قال الطيبي: تنكيرُ قوم ووصفهم بكونهم يبسون ثم توكيده بقوله لو كانوا يعلمون لأنه يشعر بأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيميّة والحطام الفاني وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول ولذلك كرر قومًا ووصفه في كل قرينه بقوله يبسون استحضارًا لتلك الهيئة القبيحة والله أعلم (ثم يفتح العراق) بالتذكير فقط (فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) قوله: (يفتح الشام) إلخ هكذا هو في رواية وكيع هذه البداية بذكر الشام، وفي رواية ابن جريج الآتية بعدها بدأ باليمن ثم ذكر الشام ثم العراق ووافقه على هذا الترتيب مالك عند البخاري ولكن لا بلفظة ثم بل بالواو وهذا هو الأرجح، قال ابن عبد البر وغيره: افتتحت اليمن في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي أيام أبي بكر وافتتحت الشام بعدها والعراق بعدها، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد وقع على وفق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم على ترتيبه ووقع تفرق