وسلم (أفضل) أي أكثر أجرًا (من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة).
قال المازري: ذهب بعض شيوخنا إلى ما ذهبت إليه ميمونة أن المكي والمدني إذا نذر أحدهما الصلاة في مسجد بيت المقدس لا يخرج إليه لأن مسجده أفضل، وأن المقدسي إذا نذر الصلاة في مسجد أحد الحرمين يأتيه لأنهما أفضل من مسجده، وقياس قول مالك على هذه الطريقة أن المدني إذا نذر مسجد مكة لا يأتيه لأن المدينة عنده أفضل، وإن نذر المكي مسجد المدينة أتاه. وقال بعض شيوخنا: الأولى للمدني والمكي أن يأتي كل واحد منهما مسجد الآخر ليخرج من الخلاف الواقع في تفضيل أحدهما على الآخر (قلت): ليس في الحديث نص في قضية المرأة التي اشتكت وإنما أخذت ذلك ميمونة من أنه لا تخرج من الأفضل إلى المفضول وهو مستند اجتهادها، ولكن يعارض اجتهادها حديث "لا تشد المطي إلا لثلاثة مساجد" فظاهره أنها تشد لها ولو من بعضها إلى بعض إلا إن تخصص ذلك بما إذا كان المنتقل إليه أفضل كذا في إكمال المعلم للأبي (قلت): ويؤيد ما ذهبت إليه ميمونة ما في حديث جابر أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال: "صل ها هنا" قال الحافظ: واستدل بحديث شد الرحال على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد الثلاثة لزمه ذلك وبه قال مالك والشافعي وأحمد والبويطي واختاره أبو إسحاق المروزي، وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقًا، وقال الشافعي في الأم: يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به بخلاف المسجدين الأخيرين، وهذا هو المنصور لأصحاب الشافعي، وقال ابن المنذر: يجب إلى الحرمين، وأما الأقصى فلا، واستأنس بحديث جابر اهـ فتح الملهم. قال القرطبي: إنما أمرت ميمونة المرأة بالصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها لو مشت إلى مسجد بيت المقدس فصلت فيه حصل لها أقل مما يحصل لها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وضيعت على نفسها ألف صلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مع ما يلحقها من مشقات الأسفار وكثرة النفقات فرفعت عنها الحرج وكثرت لها في الأجر اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ٣٣٣]، والنسائي [٢/ ٣٣].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث، الأول: حديث عبد الله بن زيد المازني ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة،