تسكت) لاستحيائها من نطق لفظ النكاح، قال الحافظ: عبّر في الثيب بالاستئمار وفي البكر بالاستئذان فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة ولهذا يحتاج إلى صريح إذنها في العقد فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقًا، والبكر بخلاف ذلك والإذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنًا في حق البكر لأنها قد تستحيي أن تفصح اهـ، قال الخطابي في المعالم: ظاهر الحديث يدل على أن البكر إذا أُنكحت قبل أن تستأذن فتصمت أن النكاح باطل كما يبطل إنكاح الثيب قبل أن تستأمر فتأذن بالقول وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وهو قول أصحاب الرأي، وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم تستأذن ومعنى استئذانها إنما هو عندهم على استطابة النفس دون الوجوب كما جاء في الحديث الأمر باستئمار أمهاتهن وليس ذلك بشرط في صحة العقد اهـ من العون. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥١٣٦]، ، وأبو داود [٢٠٩٢]، والترمذي [١١٠٧]، والنسائي [٦/ ٨٥].
(تتمة): قال القرطبي: اتفق أهل اللغة على أن الأيم في الأصل هي المرأة التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا، ومنه قوله تعالى:(وَأَنكِحُوأ الْأَيَمَى مِنكُمْ)[النور / ٣٢]، تقول العرب: تأيمت المرأة إذا أقامت لا تتزوج، ويقال أيم بينة الأيمة وقد آمت هي وإمت أنا، قال الشاعر:
لقد إمت حتى لامني كل صاحب ... رجاء بسلمى أن تئيم كما إمت
قال أبو عبيد: يقال رجل أيم وامرأة أيم وأكثر ما يكون في النساء وهي كالمستعار في الرجال (قلت): والأيم في هذا الحديث هي الثيب بدليل الرواية المفسرة التي جعل فيها الثيب مكان الأيم، وبدليل أنها قوبل بها البكر وفصل بينهما فأُعطيت كل واحدة منهما حكمهما وهذا واضح جدًّا وعليه فلا مبالاة فيما يقوله الكوفيون وزفر والشعبي في هذا الحديث من أن المراد بالأيم التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا مستدلين به على أن الولي ليس بشرط في النكاح بل للمرأة أن تنكح نفسها بغير ولي بكرًا كانت أو ثيبًا إذا بلغت وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: "أحق" على "العقد" أي أحق من وليها بالعقد عليها وهذا لا يصح لما ذكرناه ولأن مقصود الحديث بيان حكم الثيب والأبكار بالنسبة