محاصرها (وركب أبو طلحة) زوج أم سليم، وكان أنس ربيبه مركوبه (وأنا رديف أبي طلحة) أي راكب خلفه على مركوبه، قال النووي: فيه جواز الإرداف إن أطاقته الدابة (فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم) مركوبه أي أسرعه، وأجراه من الإجراء أي حمل مطيته على الجري وهو العدو والإسراع، وفي الكلام حذف تقديره أي وأجرينا يدل عليه قوله وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله يعني للزحام الحاصل عند الجري، قال النووي: فيه دليل لجواز الإجراء وأنه لا يسقط المروءة ولا يخل بمروءات أهل الفضل لا سيما عند الحاجة إلى القتال أو رياضة الدابة أو تدريب النفس ومعاناة أسباب الشجاعة (في زقاق خيبر) بضم الزاي وبقافين وهو السكة يذكر ويؤنث، والجمع أزقة وزقان -بضم الزاي وتشديد القاف وبالنون- (و) الحال (إن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم و) الحال أنه قد (انحسر) وانكشف (الإزار عن فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم) بلا قصد منه لأجل شدة الزحام أو من قوة الجري لأن الفخذ عورة لما في حديث جرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غط فخذك فإنها من العورة" قال القرطبي: قد ذكرنا في الفخذ هل هو عورة أم لا؟ وهذا الحديث مما يستدل به من قال: إنه ليس بعورة، وكذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الذي ذكرت فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مضطجعًا في بيتها كاشفًا عن فخذيه فدخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وهو كذلك، وسيأتي الحديث في مناقب عثمان رضي الله عنه، وقد عارض هذه الأحاديث ما رواه الترمذي وصححه غيره من حديث جرهد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف فخذه فقال:"غط فخذك فإنه من العورة" رواه الترمذي [٢٧٩٥] قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط كي يخرج من اختلافهم (قلت): وقد يترجح الأخذ بحديث جرهد من وجه آخر وهو أن تلك الأحاديث قضايا معينة في أوقات وأحوال مخصوصة يتطرق إليها من الاحتمال ما لا يتطرق لحديث جرهد فإنه إعطاء حكم كلي وتقعيد للقاعدة فكان أولى بالأخذ بيان ذلك أن تلك الوقائع تحتمل خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك