للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثاني: فيه نظر أيضًا لأنه لا يمشي ما ذكره في مذهب غيره، الثالث: ذكر أنه اشتراها منه أي من دحية ولم يجر بينهما عقد بيع أولًا فكيف اشتراها منه بعد ذلك (فإن قلت): وقع في رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية منه بسبعة أرؤس (قلت): إطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز لأنه لما أخذها منه على الوجه الذي نذكره الآن وعوضه عنها بسبعة أرؤس على سبيل التكرم والفضل، أطلق الراوي الشراء عليه لوجود المبادلة فيه، وأما وجه الأخذ فهو إنه لما قيل له إنها لا تصلح له من حيث إنها من بيت النبوة فإنها من ولد هارون أخي موسى عليهما السلام ومن بيت الرياسة فإنها من بيت سيد قريظة والنضير مع ما كانت عليه من الجمال الباعث على كثرة النكاح المؤدية إلى كثرة النسل وإلى جمال الولد لا للشهوة النفسانية فإنه صلى الله عليه وسلم معصوم منها، وعن المازري يُحمل ما جرى مع دحية على وجهين أحدهما: أن يكون رد الجارية برضاه وأذن له في غيرها، الثاني: أنه إنما أذن له في جارية من حشو السبي لا في أخذ أفضلهن، ولما رأى أنه أخذ أنفسهن وأجودهن نسبًا وشرفًا وجمالًا استرجعها لئلا يتميز دحية بها على باقي الجيش مع أن فيهم من هو أفضل منه فقطع هذه المفاسد وعوضه عنها، وفي سير الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه أخت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وكان كنانة زوج صفية فكأنه صلى الله عليه وسلم طيب خاطره لما استرجع منه صفية بأن أعطاه أخت زوجها، وليس في قوله سبعة أرؤس ما ينافي قوله هنا خذ جارية إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة اهـ فتح الملهم.

قال القرطبي: قد ظن بعض المتكلمين على هذا الحديث أن هذه العطية هبة من النبي صلى الله عليه وسلم لدحية فأشكل عليه استرجاعه إياها فأخذ يعتذر عن هذا بأعذار وهذا كله ليس بصحيح ولا يحتاج إليه وقد أزال إشكال هذه الرواية الروايات الآتية بعد التي ذُكر فيها أن صفية إنما صارت لدحية في مقسمه وأن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراها منه بسبعة أرؤس وهذه الروايات المتفقة لا إشكال فيها بل هي رافعة لما يتوهم من إشكال غيرها ويبقى إشكال بين قوله خذ جارية من السبي وبين قوله: وإنها صارت إليه في مقسمه يزيله تقدير إنه إنما أراد خذ بطريق القسمة وفهم ذلك دحية بقرائن أو تصريح لم ينقله الراوي فلم يأخذ دحية شيئًا إلا بالقسمة ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حصل عنده أنها لا تصلح إلا له من حيث إنها بيت النبوة فإنها من ولد هارون ومن بيت

<<  <  ج: ص:  >  >>