المعروف في القرآن لأن أول ما وجب من الصلاة في اليوم هو الصبح أو الظهر (فقال) الرجل السائل عن شرائع الإسلام مستفهمًا عن الزيادة يا رسول الله (هل علي غيرهن) أي غير الصلوات الخمس من الصلوات الواجبة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا له بالنفي (لا) عليك غيرهن يدل هذا على أن الوتر ليس بلازم ولا واجب وهو مذهب الجمهور وخالفهم أبو حنيفة فقال إنه واجب ولا يسميه فرضًا لأن الفرض عنده ما كان مقطوعًا بلزومه كالصلوات الخمس وقوله (إلا أن تطوع) أي تنفلت وتبرعت بالزيادة بما ورد في الشرع، قال النووي: المشهور فيه تطوع بتشديد الطاء على إدغام إحدى التاءين في الطاء لأن أصله تتطوع بتاءين إحداهما تاء المضارعة والأخرى تاء المطاوعة، وقال ابن الصلاح هو محتمل للتشديد والتخفيف على حذف إحدى التاءين قال أصحابنا وغيرهم من العلماء قوله صلى الله عليه وسلم إلا أن تطوع استثناء منقطع ومعناه لكن يستحب لك أن تطوع وجعله بعض العلماء استثناء متصلًا واستدلوا به على أن من شرع في صلاة نفل أو صوم نفل وجب عليه إتمامه، ومذهبنا أنه يستحب الإتمام ولا يجب والله أعلم انتهى.
قال الأبي: القائل بوجوب التطوعات بالدخول فيها مالك والحنفية واحتجوا بالحديث وقرروه بنحو ما ذكر، قالوا لأن الاستثناء من النفي إثبات والمنفي وجوب شيء آخر فيكون المثبت وجوب التطوعات وأجاب القائل بأنها لا تجب بأن الحديث دل على نفي وجوب شيءآخر مطلقًا شرع فيه أو لم يشرع والاستثناء منقطع أي لكن يستحب أن تتطوع وقد علمت أن الأصل في الاستثناء الاتصال والمنفصل مجاز والأصل عدمه اهـ.
وعبارة المفهم هنا قوله (إلا أن تطوع) ظاهر في أن معنى هذا الكلام هل يجب علي من تطوع الصلوات شيء غير هذه الخمس فأجابه بأنه لا يجب عليه شيء إلا أن تطوع فيجب عليك وهذا ظاهر لأن أصل الاستثناء أن يكون من الجنس والاستثناء من غير الجنس مختلف فيه ثم هو مجاز عند القائل به فإذا حملناه على الاستثناء المتصل لزم منه أن يكون التطوع واجبًا ولا قائل به لاستحالته وتناقضه فلم يبق إلا ما ذهب إليه مالك، وهو أن التطوع يصير واجبًا بنفس الشروع فيه كما يصير واجبًا بالنذر، فالشروع فيه التزام له وحينئذ يكون معنى قوله (إلا أن تطوع) إلا أن تشرع فيه وتبتدئه، ومن ادعى