للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَادَى: يَا أَبَا بَكْرٍ! ألَا تَسْمَعُ هذِهِ مَا تَجْهَرُ به عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ!

ــ

أرادت به خالد بن سعيد بن العاص كما يأتي التصريح به في الرواية التالية كأنه من قدماء المسلمين ومن عمال سيد المرسلين (فنادى) خالد من عند الباب إلى أبي بكر فقال: (يا أبا بكر ألا تسمع هذه) المرأة، والموصول في قوله: (ما تجهر) وترفع (به) الصوت (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) بدل من اسم الإشارة أي ألا تسمع ما تجهر هذه عند رسول الله، كره رضي الله عنه الجهر بما هو خليق بالإخفاء خصوصًا ممن المنتظر منهن الحياء لا سيما بحضرة سيد المرسلين، وهذا الحديث لو آخره المؤلف إلى باب الطلاق لكان أحسن كما فعله القرطبي في تلخيصه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ١٩٣] والبخاري [٥٢٦١].

وقوله: (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) قال القرطبي: مذهب الجمهور أن هذا كناية عن الجماع، وقال بعضهم: في تصغير عسيلة دليل على أن الوطأة الواحدة كافية في إباحتها لمطلقها، وشذ الحسن فقال: العسيلة هنا كناية عن المني فلا تحل له عنده إلا بإنزاله.

(قلت): ولا شك أن أول الإيلاج مبدأ اللذة وتمامه الإنزال والاسم يصدق على أقل ما ينطلق عليه فالأولى ما ذهب إليه الجمهور والله تعالى أعلم.

وهذا الحديث نص في الرد على ما شذ فيه سعيد بن المسيب عن جماعة العلماء في قوله: إن عقد النكاح بمجرده يحلّها لمطلّقها، وقال بعض علمائنا: ما أظن سعيدًا بلغه هذا الحديث فاخذ بظاهر القرآن وشذ في ذلك ولم يقل أحد بقوله.

(قلت): قد قال بقول سعيد بن المسيب سعيد بن جبير وجماعة من السلف على مما حكاه القاضي عبد الوهاب في شرح رسالة ابن أبي زيد، ويُفهم من قوله حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك استواؤهما في إدراك لذة الجماع وهو حجة لأحد القولين عندنا في أنه لو وطئها نائمة أو مغمى عليها لم تحل لمطلّقها لأنها لم تذق العسيلة إذ لم تدركها. وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم إما من تغطية مرادها في الرجوع إلى زوجها الأول أو تعجبًا من تصريحها بشكواها بما عادة النساء الاستحياء منه.

وقوله: (وتجهر) أي ترفع صوتها وفي غير كتاب مسلم (تهجر) بتقديم الهاء على

<<  <  ج: ص:  >  >>