المرضع جاز الغيلة، والغيلة بالكسر والفتح، واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث وهي الغيل، فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة: أن يجامع امرأته وهي مرضع يقال منه أغال الرجل وأغيل إذا فعل ذلك، وقال ابن السكيت: هي أن ترضع المرأة وهي حامل يقال منه غالت وأغيلت، وعلى الأول فوجه كراهته خوف مضرته لأن الماء يكثر اللبن وقد يغيره، والأطباء يقولون في ذلك اللبن: إنه داء، والعرب تكرهه وتتقيه ولأنه قد يكون منه حمل ولا يُفطن له أولًا فيرجع إلى إرضاع الحامل المتفق على مضرته، قال ابن حبيب: سواء أنزل الرجل أو لم ينزل لأنه إن لم ينزل فقد تنزل المرأة فيضر ذلك باللبن (حتى ذكرت) أي تذكرت (أن الروم وفارس يصنعون ذلك) أي جماع المرضع (فلا يضر) ذلك الجماع (أولادهم) وعبارة الجامع الصغير: حتى تذكرت، والرواية التالية فنظرت، وهذا بيان لتركه النهي ورجوعه عنه بتحقق عدم الضرر في أناسي كثير كفارس والروم (قال) المؤلف: (مسلم) بن الحجاج رحمه الله تعالى (وأما) شيخي (خلف) بن هشام (فقال) في روايته: (عن جذامة الأسدية) بالذال المعجمة (والصحيح) المشهور عند الجمهور (ما قاله يحيى) بن يحيى في روايته جدامة بنت وهب (بالدال) المهملة، قال القرطبي: جدامة الأسدية رويناه بالدال المهملة وهكذا قاله مالك وهو الصواب، قال أبو حاتم: الجدامة هو الذي لم يندق من السنبل، وقال غيره: الجدامة هو ما يبقى في الغربال بعد تصفية الدقيق به من نصبة أي بقية من النخالة، وقال غير مالك: بالذال المنقوطة وهو من الجذم الذي هو القطع، وهي جدامة بنت وهب بن محصن الأسدية تُكنى أم قيس وهي ابنة أخي عكاشة بن محصن أسلمت عام الفتح اهـ من المفهم، قال النووي: وفي الحديث جواز الغيلة فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها وبيّن سبب ترك النهي، وفيه جواز الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: ووجه الاجتهاد فيه أنه لما علم برأي أو استفاضة أنه لا يضر فارس والروم قاس العرب عليهم للاشتراك في الحقيقة اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٣٨٨٢]، والترمذي [٢٠٧٨]، والنسائي [١٠٦ - ١٠٧].