العامرية (جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن سالمًا) تريد (لسالم) بن عبيد بن ربيعة (مولى أبي حذيفة) كان (معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال) من الكبر والبلوغ (وعلم ما يعلم الرجال) من عورات النساء (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرضعيه تحرمي عليه) أي تصيري حرامًا بسبب كونك أم رضاع له، قال ابن جريج:(قال) لنا ابن أبي مليكة: (فمكثت) أي جلست (سنة) كاملة (أو) زمنًا (قريبًا منها) أي من السنة حالة كوني (لا أحدّث به) أي بهذا الحديث للناس (وهبته) -بكسر الهاء وسكون الموحدة وضم التاء معطوف على مكثت -أي خفت من تحديثه للناس من الهيبة وهي الإجلال، والواو عاطفة، وفي بعض النسخ: رهبته من الرهب وهو الخوف، وبابه تعب فالهاء مكسورة أيضًا، والمعنى أني لم أحدّث به مدة مخافة أن يغتر به الجهال، وذكر الشارح ضبط القاضي عياض إياه بإسكان الهاء على أنه مصدر منصوب بإسقاط الجار فيكون التقدير لا أُحدّث به أحدًا للرهبة لمخالفته قاعدة الرضاع فإن الله تعالى قد قال:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: ٢٣٣] فهذه أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادة المعتبر شرعًا فما زاد عليه بمدة مؤثرة غير محتاج إليه عادة فلا يُعتبر شرعًا لأنه نادر، والنادر لا يحكم له بحكم المعتاد اهـ من المفهم.
قال ابن أبي مليكة:(ثم) بعد مضي سنة كاملة أو قريب منها (لقيت القاسم) بن محمد، معطوف على قوله: فمكثت فهو من مقول ابن أبي مليكة أيضًا (فقلت له) أي للقاسم، معطوف على لقيت (لقد حدثتني) يا قاسم (حديثًا ما حدّثته) لأحد من الناس (بعد) أي الآن (قال) القاسم: (فما هو) أي فما ذلك الحديث، قال ابن أبي مليكة:(فأخبرته) أي فأخبرت ذلك الحديث للقاسم بن محمد فـ (قال) لي القاسم: (فحدّثه) أي فحدّث ذلك الحديث (عنِّي أن عائشة) رضي الله عنها (أخبرتنيه) أي أخبرتني هذا