ومشكورات في ذلك لعظيم بركته صلى الله عليه وسلم اهـ من شرح الأبي، وقد تنافس الصحابة والسلف في تقريب ما لمسه من ثوب ونحوه وكادوا يقتتلون على وضوئه والتبرك بكل أثر من آثاره وأين ذلك كله من هذا القرب العظيم الذي لم يتمكن منه أحد سوى زوجاته.
وقوله:(اللاتي وهبن) ظاهر في أن الواهبات أكثر من واحدة وهن خولة بنت حكيم وفاطمة بنت شريح وليلى بنت الحطيم، وقد فصّل الحافظ أسماءهن في التفسير من فتح الباري، وأخرج الطبري بإسناد حسن عن ابن عباس: لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له. ذكره الحافظ وقال: والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له وإن كان مباحًا لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} اهـ (وأقول و) هل (تهب المرأة نفسها) للرجل وهذا عيب (فلما أنزل الله عزَّ وجلَّ) قوله: ({تُرْجِي}) وتؤخر ({مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}) تأخيرها عن المضاجعة معها ({وَتُؤْوي}) أي تضم ({إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ}) ضمها إليك بالمضاجعة معها ({وَمَنِ ابْتَغَيتَ}) وطلبت الرجوع إليها بالمضاجعة ({مِمَّنْ عَزَلْتَ}) أي عطلتها من المضاجعة معها (فلا جناح عليك) في ابتغائها، اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال: الأول أنه إباحة له صلى الله عليه وسلم في ترك القسم ومعنى الإرجاء والإيواء أن يؤخر من شاء منهن ويبيت مع من شاء وهذا قول الجمهور، والثاني أنه إباحة له صلى الله عليه وسلم في طلاق بعض أزواجه وإمساك بعض وأنه كان همّ بطلاق بعضهن فقلن له لا تُطلِّقنا واقسم لنا ما شئت فكان يقسم لبعض قسمًا مستويًا وهن اللاتي آواهن ومنهن عائشة وحفصة وأم سلمة ويقسم للباقي ما شاء وهن اللاتي أرجاهن وهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة وكان يقسم لهن ما شاء وتوفي صلى الله عليه وسلم وقد آوى جميعهن إلا صفية، وهذا يدل على أن القسم ليس واجبًا عليه وهو أحد القولين، والثالث أن الآية في الواهبات وهو تخيير له صلى الله عليه وسلم أن يقبل من شاء منهن ويرد من شاء، وحديث عائشة في الباب يؤيد هذا القول الأخير والذي قبله واللفظ محتمل للأقوال الثلاثة، هذا ملخص ما في فتح الباري، واتفقت أقوال أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم لم يعمل بهذه الرخصة في ترك القسم وإنما يقسم لهن جميعًا أي فلما أنزل